انتخابات بلدية في ليبيا.. تحديات العزوف الشعبي وآمال في تحريك العملية الديمقراطية
تجري اليوم السبت 16 نوفمبر 2024، الانتخابات البلدية في ليبيا، التي تشمل نحو 58 بلدية في خطوة هامة ضمن الاستحقاقات الانتخابية، في وقت تشهد فيه البلاد حالة من الجمود السياسي. وتأتي هذه الانتخابات في ظل تحديات كبيرة، أبرزها كسر حالة العزوف الشعبي عن المشاركة السياسية، خاصة في سياق الانقسام السياسي المستمر.
وقد دعا رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها، عبدالحميد الدبيبة، المواطنين إلى المشاركة الفاعلة في هذه الانتخابات، مؤكدًا جاهزية الأجهزة الأمنية لتأمين سير الانتخابات وضمان نجاحها. في كلمة تلفزيونية وجهها إلى الشعب الليبي، شدد الدبيبة على أهمية اختيار "أفضل" الأفراد لإدارة البلديات بما يخدم مصلحة المواطنين في مختلف المناطق الليبية.
وأوضح الدبيبة أن هذه الانتخابات تمثل المرحلة الأولى من عملية انتخابية تشمل 143 بلدية، حيث ستتم المرحلة الثانية في بداية العام القادم، وتشمل 59 بلدية أخرى.
عزوف الناخبين وتحديات المقاطعة
من جهته، أبدى نائب رئيس حزب الأمة الليبي، أحمد الدوغة، مخاوفه من عزوف الناخبين عن المشاركة في الانتخابات البلدية. وأشار في تصريحات خاصة لـ "إرم نيوز" إلى أن الليبيين قد تعرضوا لتجارب انتخابية سابقة لم تكن بمستوى تطلعاتهم، ما قد يؤدي إلى حالة من الإحجام عن المشاركة. لكنه أضاف أن الوضع قد اختلف الآن بعد مرور أكثر من 40 عامًا دون أي انتخابات، مشيرًا إلى أن التجارب الفاشلة قد تغير من تفكير بعض الناخبين، رغم أن المشاركة قد تكون أقل من المتوقع.
ورغم هذا التفاؤل الحذر، أكد الدوغة أن إجراء هذه الانتخابات يمثل خطوة مهمة نحو تحريك العملية الديمقراطية في البلاد، ويعد بمثابة "بروفة" للانتخابات العامة القادمة، وهو ما قد يقطع الطريق على المتشائمين الذين يعتقدون أنه لا يمكن إجراء انتخابات في ظل الانقسام السياسي وحكومة واحدة متعددة الأطراف.
المقاطعة: سلاح للمصير السياسي
في سياق آخر، استبعد المحلل السياسي رشيد خشانة أن تكون هناك مقاطعة شاملة للانتخابات البلدية، لكنه أشار إلى أن المقاطعة، إن حدثت، يمكن أن تُستخدم كأداة قوية من قبل من يسعون لتأجيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية. وأضاف خشانة في تصريحات لـ "إرم نيوز" أن إقبال الليبيين على صناديق الاقتراع، على العكس من ذلك، سيمثل ضغطًا إضافيًا على القيادات السياسية في البلاد، مما يعزز فرص إجراء الانتخابات العامة في وقت قريب.
وأكد خشانة أن المجتمع الليبي قد أثبت في مناسبات سابقة قدرته على التأثير في المواقف السياسية، سواء من خلال الاحتجاجات أو الانتخابات، بما يضمن الحفاظ على حقه في اختيار من يمثله.
نحو مستقبل ديمقراطي
ومع وجود تحديات كبيرة، لا تزال الانتخابات البلدية في ليبيا تمثل فرصة مهمة للتحرك نحو تحقيق استقرار سياسي وديمقراطي، في وقت تزداد فيه الحاجة إلى تجاوز الجمود السياسي الذي تعيشه البلاد. وفيما يأمل المسؤولون في إجراء انتخابات ذات مصداقية وشفافية، تظل المشاركة الشعبية أحد المفاتيح الأساسية التي قد تحدد نجاح العملية الانتخابية بشكل عام.