الانقسام يهدد استقرار المجلس الأعلى للدولة الليبي.. انتخاب تكالة بفتح جبهة جديدة للأزمة السياسية
شهد المجلس الأعلى للدولة الليبي موجة جديدة من الانقسام بعد إعادة انتخاب محمد تكالة رئيسًا للمجلس في جلسة شهدت مقاطعة أكثر من نصف الأعضاء، مما أثار تساؤلات حول شرعية الانتخابات وسط تحفظات أممية على ما وصفته بالإجراءات "الأحادية الجانب". وأثارت الجلسة التي انعقدت مؤخرًا جدلًا واسعًا، حيث اعتبرها مراقبون بمثابة "تهريج سياسي" يبدد المزيد من الوقت في القضية الأساسية المتعلقة بالتوافق مع مجلس النواب حول قوانين الانتخابات.
وأعلن المجلس عبر صفحته الرسمية على "فيسبوك" أن تكالة قد فاز بمنصب الرئيس بإجمالي 55 صوتًا، بينما تم انتخاب مسعود عبيد نائبًا أولًا للرئيس بـ49 صوتًا، وموسى فرج نائبًا ثانيًا بـ42 صوتًا. وعلى الرغم من إتمام الجلسة، فقد كرست هذه الانتخابات الانقسام داخل المجلس، حيث قاد تكالة الفريق الأول الذي دافع عن نتائج الجلسة، مشيرًا إلى أن 73 عضوًا حضروا جلسة الانتخاب، بينما تمثل الفريق الثاني بخالد المشري، رئيس المجلس الذي تنحى "مؤقتًا" امتثالًا لحكم القضاء.
موقف المشري: رفض الاعتراف بنتائج الجلسة
في تصريحات تلفزيونية، رفض المشري الاعتراف بجلسة إعادة انتخاب تكالة، واعتبرها "لا قيمة لها"، مؤكدًا أن "المجلس لم يكن صاحب صفة لاتخاذ هذه القرارات". واعتبر أن الجلسة ما هي إلا "فصل جديد" يعزز من انقسام المجلس الأعلى للدولة. وأوضح المشري أنه سيظل متمسكًا بشرعية رئاسته للمجلس حتى يتم الفصل القضائي في النزاع القائم.
وفي الوقت ذاته، تسببت الجلسة في توتر بين الأعضاء الذين اختلفوا حول عدد الحضور، حيث أعلنت عضو المجلس أمينة محجوب أن 72 عضوًا حضروا الجلسة، مما يعتبر وفقًا للقانون النصاب القانوني اللازم لإتمام الجلسة، بينما اعتبرت مصادر أخرى أن الجلسة لم تحقق النصاب المطلوب.
تدخلات دولية: دور البعثة الأممية
من جانبها، أكدت مصادر أن البعثة الأممية قد تدخلت مساء الاثنين الماضي لدعوة تكالة إلى وقف الجلسة والذهاب نحو عقد جلسة توافقية، وهو ما قابله تكالة بالرفض، مما أثار تساؤلات حول دور الأمم المتحدة في العملية السياسية الليبية. وأشار النائب الثاني لرئيس المجلس عمر العبيدي إلى أن الجلسة التي تم عقدها يوم الثلاثاء "غير صحيحة" ولم تحقق النصاب القانوني، مشددًا على أن هناك طعنًا قضائيًا ودستوريًا في صحة الانتخابات.
خلافات مستمرة: المحاكم وتداعيات القرارات
تجدر الإشارة إلى أن الأزمة تعود جذورها إلى السجال الذي نشب في أغسطس الماضي، عندما تم إجراء انتخابات رئاسة المجلس الأعلى للدولة، وأسفرت عن فوز تكالة بفارق صوت واحد عن المشري. ومع ذلك، اندلعت الخلافات بعد الجلسة بسبب اعتراضات على قانونية تصويت أحد الأعضاء، ما أثار جدلًا حول نتائج الاقتراع. ورغم صدور حكم من محكمة السواني الابتدائية برفض طعن المشري ضد فوز تكالة، فإن الأزمة مازالت مستمرة بسبب النزاع حول شرعية انتخابات رئاسة المجلس.
موقف المجلس الأعلى للدولة في العملية السياسية
يُذكر أن المجلس الأعلى للدولة يشكل جزءًا أساسيًا من العملية السياسية في ليبيا ويعد بمثابة مؤسسة استشارية وتشريعية ثانية وفقًا لمخرجات اتفاق الصخيرات لعام 2015. ويلعب المجلس دورًا مهمًا في التنسيق مع مجلس النواب بشأن القوانين المتعلقة بالدستور والعملية الانتخابية، إلا أن عمله قد تعثر في الفترة الأخيرة بسبب الخلافات الداخلية وتنافس القوى السياسية على المناصب داخل المجلس.