اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارون مدير التحرير التنفيذي محمد سلامة

السديس: وسائل التواصل أفسدت العلاقات بين الناس

السديس
السديس

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام، الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس، المسلمين بتقوى الله وعبادته، والتقرب إليه بالطاعة بما يرضيه وتجنب مساخطه ومناهيه. وقال الشيخ السديس في خطبته التي ألقاها في المسجد الحرام بمكة المكرمة، إن الإسلام أرسى أسس وقواعد الأخوة والمحبة، والتواصل والمودة بين المسلمين، مؤكدًا أن هذه المبادئ تظل حاضرة في كل زمان ومكان، رغم التحديات التي يواجهها المجتمع الإسلامي. وأضاف أن الإسلام يعزز من روابط التراحم والمودة بين الأفراد، ويحث على التفاعل البنَّاء لتطوير الأخلاق والسلوك، كي يسعى المسلمون جميعًا إلى صفوة التفاهم وأسمى معاني العلاقات الإنسانية.

وأكد الشيخ السديس أن الحياة المعاصرة مليئة بالتحديات والصعوبات التي يمكن أن تؤثر على العلاقات الإنسانية، مشيرًا إلى أن عصرنا قد شهد تزايدًا في الماديات، وفقدان التراحم والإشفاق بين الناس. وأوضح أن الإنسان بطبعه اجتماعي، وأن العلاقات الإنسانية في الإسلام تعد من الضرورات التي لا غنى عنها في الحياة اليومية، فهي أساس التفاهم والتعاون بين أفراد المجتمع، خاصة في ظل الظروف العصيبة التي يمر بها العالم، حيث يزداد تراجع القيم الإنسانية، ويحل محلها الأزمات والنزاعات.

تحديات الحياة في عصر الماديات

وأشار الشيخ السديس إلى أن الأيام تتقلب ببني الإنسان، وأن العالم اليوم يعاني من هيمنة الماديات والمصالح الشخصية التي تسببت في تراجع التراحم بين الناس. وقال إن الإسلام قد وضع معايير أخلاقية لإنقاذ الإنسان من الفتن والمشكلات، ومنها ضرورة الالتزام بالاحترام المتبادل، الذي يعد أساسًا لجميع العلاقات الاجتماعية الناجحة، مشددًا على أهمية تقدير المشاعر والآراء الأخرى. وأوضح أن تعزيز هذه القيم لا يتحقق إلا من خلال مواقف وأفعال حقيقية، مثل إظهار الاحترام والاعتراف بمشاعر الآخرين، والتغاضي عن الأخطاء، مما يعزز قوة الروابط ويعمق العلاقات الإنسانية.

الوحدة والتسامح في أوقات المحن

وأكّد إمام المسجد الحرام على أن الأمة الإسلامية تمر بمرحلة تاريخية دقيقة، وأن الوحدة والتضامن بين المسلمين أصبحا أكثر ضرورة من أي وقت مضى. وقال إن من أهم مقومات الوحدة والتضامن بين المسلمين هو التغاضي والتغافل عن الأخطاء، والصبر والتسامح. وأضاف أن الإسلام يدعونا دائمًا إلى حسن الظن، والتماس الأعذار لبعضنا البعض، ويستشهد بآيات قرآنية دالة على ذلك مثل قوله تعالى: "وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ"، وقوله: "وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ". وأوضح أن هذا المنهج من التغاضي والتسامح يعزز من ترابط الأمة الإسلامية ويوحد صفوفها في مواجهة التحديات.

الإسلام وقيم الاحترام في التعاملات الاجتماعية

وقال الشيخ السديس إنه من الضروري أن يتم تعزيز القيم الاجتماعية والإسلامية، مثل الاحترام المتبادل، في العلاقات بين الناس، سواء كانت هذه العلاقات بين الأفراد في محيط الأسرة أو في المجتمع الأكبر. وأشار إلى أن الإسلام يميز المجتمعات المسلمة بترسيخ قيم التعاون والمساعدة المتبادلة، وأن هذه القيم هي التي يجب أن تظل هي الموجه للمجتمعات الإسلامية، خصوصًا في وقتنا الحالي الذي يشهد انتشارًا مفرطًا في المواد السطحية على حساب القيم الإنسانية العميقة.

وتحدث الشيخ السديس عن وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدًا على أن هذه المنصات قد أسهمت في تدهور العلاقات الاجتماعية، حيث انتشرت الشائعات والأخبار المضللة التي تساهم في إفساد العلاقات بين الناس. ودعا المسلمين إلى توخي الحذر في التعامل مع هذه الوسائل، والتأكد من صحة الأخبار قبل تداولها، وعدم الانزلاق في نشر الأكاذيب والشائعات التي تضر بالعلاقات الاجتماعية.

التعامل الحسن في العلاقات الأسرية والاجتماعية

وفيما يتعلق بالعلاقات الأسرية، أشار الشيخ السديس إلى أن الإسلام يولي أهمية كبيرة لمفهوم الاحترام و التفاهم المتبادل بين الزوجين. وقال إن الزوجين عندما يفهمان حقوقهما وواجباتهما تجاه بعضهما البعض، تتحقق السعادة الزوجية ويهنأ أفراد الأسرة في بيئة صحية قائمة على الاحترام المتبادل والمودة. وقال الشيخ السديس إن الإسلام حث الأزواج على المعاشرة بالمعروف، كما ورد في القرآن الكريم: "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ"، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه: "فَانْظُرِي أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ". وأوضح الشيخ السديس أن السعادة الزوجية لا يمكن أن تتحقق في ظل الخلافات المستمرة والمناقشات الحادة، وأن الأسرة يجب أن تقوم على أساس من المحبة والرحمة.

أهمية فن التعاملات الاجتماعية

وفي ختام خطبته، ذكر الشيخ السديس أن العلاقات الاجتماعية لا يجب أن تتسم بالتصعيد المستمر أو الصراعات الحادة، بل يجب أن تقوم على أساس من التفاهم والتسامح. وأشار إلى أن الحياة الاجتماعية يجب أن تتسم بالمودة والرحمة، وأن التراحم والتعاطف هما الأساس الذي تبنى عليه العلاقات الإنسانية في الإسلام. وأكد أن الاختلاف بين الناس أمر طبيعي، لكن ما نهى عنه الإسلام هو الشقاق والنزاع بين المسلمين، مشيرًا إلى قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ".

موضوعات متعلقة