هيئة تحرير الشام.. من حكم إدلب إلى تحديات قيادة سوريا بأكملها
تساؤلات جديدة أثيرت في تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" حول إمكانية أن تقود المعارضة السورية، ممثلة بهيئة تحرير الشام، البلاد بأكملها. التقرير تناول تجربة الهيئة في حكم محافظة إدلب منذ عام 2017، وأوضح أن حكمها، رغم تحقيق نوع من الاستقرار، لم يخلُ من انتقادات واسعة، مما يثير تساؤلات حول قدرتها على إدارة دمشق وسوريا بشكل عام.
إدارة محافظة إدلب
منذ سيطرتها على إدلب، تبنت هيئة تحرير الشام أسلوبًا براغماتيًا في الحكم، بعيدًا عن القسوة التي اتسمت بها جماعات متطرفة أخرى. ومع ذلك، فرضت الهيئة سيطرة أمنية مشددة، عبر هيكل مدني يضم 11 وزارة، ما مكّنها من تنظيم قوتها العسكرية وتأمين مواردها المالية. ورغم محاولات الهيئة إظهار استقرارها، فإن انتقادات عديدة ظهرت ضد سياساتها الاستبدادية وظروف السجون القاسية.
فرض الهيئة لضرائب ورسوم على السلع والخدمات، مثل "ضريبة زيت الزيتون" في 2019، أدت إلى احتجاجات واسعة، وصل بعضها إلى اشتباكات مسلحة واعتقالات. هذه السياسات أثارت استياء السكان الذين عانوا من القمع المالي والضغوط الاقتصادية.
اقتصاد يعتمد على الضرائب والمعابر
فرضت الهيئة ضرائب على مختلف الأنشطة الاقتصادية، من الزراعة إلى التجارة والمهن الحرفية، كما تسيطر على معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، وهو مصدر رئيسي لإيراداتها. وتشير تقديرات منظمات إغاثية إلى أن إيرادات الهيئة الشهرية من الرسوم قد تصل إلى 15 مليون دولار. كما أنشأت الهيئة شركات توزيع للخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه، لكنها تظل متأثرة بشكل كبير بالإمدادات التركية نتيجة للحصار السوري المفروض على المنطقة.
صعوبات سياسية وإقليمية
منذ عام 2016، عملت هيئة تحرير الشام على تحسين صورتها الدولية، بتخفيف توجهاتها المتشددة، لكنها لا تزال مصنفة كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة والأمم المتحدة، مما يعيق حصولها على الدعم الخارجي. كما تعاني الهيئة من توترات داخلية بين فصائلها، مما قد يعقد محاولاتها لتوسيع نفوذها على الصعيدين المحلي والدولي.
دمشق ليست إدلب
ورغم محاولات الهيئة لبناء نموذج حكم مستقر في إدلب، تبقى المنطقة فقيرة وزراعية مقارنة بالعاصمة دمشق، من حيث البنية التحتية، والتنوع العرقي والديني، وتعقيد العلاقات السياسية. ويرى التقرير أن التحديات التي ستواجهها الهيئة في محاولة إدارة سوريا بأكملها ستكون أكبر بكثير مما واجهته في إدلب.
الاستنتاج
يبقى مستقبل هيئة تحرير الشام مرهونًا بقدرتها على التكيف مع تعقيدات الحكم الوطني، والتعامل مع الإرث الجهادي الذي يلاحقها، بالإضافة إلى تجاوز العقبات السياسية والاقتصادية الدولية. في ضوء هذه التحديات، تبدو فرص الهيئة في حكم سوريا ككل غير مؤكدة.