صفقة سياسية.. هل تصبح أرض الصومال محطة لترحيل الفلسطينيين؟

تشهد الساحة الدبلوماسية تحركات أولية تقودها إدارة دونالد ترامب، حيث تجري مناقشات حول إمكانية توطين الفلسطينيين المهجّرين من غزة في أرض الصومال، مقابل اعتراف الولايات المتحدة باستقلالها وإنشاء قاعدة بحرية أمريكية في ميناء بربرة على البحر الأحمر. هذه المحادثات، التي لا تزال في مراحلها الأولى، أكدها مسؤول أمريكي لصحيفة فاينانشيال تايمز، مشيرًا إلى أن الفريق المعني بالشؤون الأفريقية في إدارة ترامب لا يزال قيد التشكيل، وأن هذه الاتصالات تظل في نطاق الاستكشاف الأولي.
يبدو أن هذه الفكرة لا تزال في مرحلة استكشافية أولية، حيث أشار مسؤول أميركي إلى أن الفريق المعني بالشؤون الأفريقية في إدارة ترامب لا يزال في طور التشكيل، وأن هذه المناقشات لم تتجاوز الإطار النظري حتى الآن. ومع ذلك، فإن دوافع واشنطن تتجاوز البعد الإنساني، حيث تسعى إلى تعزيز نفوذها في منطقة القرن الأفريقي، التي تعدّ محورًا استراتيجيًا في الصراع الدولي على النفوذ في البحر الأحمر والمحيط الهندي.
تقع أرض الصومال في شمال الصومال، وقد انفصلت عن الدولة الأم عام 1991 بعد سقوط نظام سياد بري، الذي أغرق البلاد في صراع أهلي مستمر. وخلافًا لبقية المناطق التي انهارت في أتون الحروب الأهلية والتقسيمات القبلية، نجحت أرض الصومال في الحفاظ على استقرار نسبي، وتوفير مستوى معيشي أفضل مقارنة بجنوب الصومال.
تمتد المنطقة على نحو 20% من مساحة الصومال، ويقطنها قرابة ثلث سكان البلاد. وفي عام 2003، أجرت السلطات استفتاءً شعبيًا، صوّت خلاله نحو 99% لصالح الاستقلال وتبني دستورها الخاص. ومع ذلك، لم تحظَ أرض الصومال باعتراف دولي واسع، رغم دعم بعض الدول مثل جنوب أفريقيا، وإثيوبيا، وجيبوتي، وبريطانيا، وفرنسا، والإمارات، وكينيا، وزامبيا.
مكاسب متبادلة أم مقامرة سياسية
تسعى أرض الصومال منذ عقود للحصول على اعتراف دولي بوضعها كدولة مستقلة، وتُعد هذه الصفقة المحتملة مع الولايات المتحدة فرصة سياسية غير مسبوقة لتحقق هذا الهدف. في المقابل، قد ترى إدارة ترامب في المنطقة موقعًا استراتيجيًا لتوسيع نفوذها العسكري عبر إنشاء قاعدة بحرية على البحر الأحمر، ما يمنح واشنطن نفوذًا أكبر في منطقة شديدة الأهمية من الناحية الجيوسياسية.
لكن على الرغم من هذه المكاسب المحتملة، هناك العديد من التحديات والعقبات التي قد تعترض تنفيذ هذه الخطة، ومنها:
المعارضة الفلسطينية والدولية: الفلسطينيون لن يقبلوا بأي مخطط يؤدي إلى تهجيرهم قسرًا، كما أن العديد من الدول العربية والإسلامية سترفض مثل هذه الخطوة.
الموقف الإقليمي: الصومال نفسه يعارض أي اعتراف باستقلال أرض الصومال، وقد يشعل ذلك توترات دبلوماسية جديدة في المنطقة.
الاعتبارات الداخلية لأرض الصومال: استقبال مئات الآلاف من الفلسطينيين قد يكون عبئًا اقتصاديًا واجتماعيًا على الإقليم، مما قد يؤدي إلى اضطرابات داخلية.
لا تزال الأمور في بدايتها، لكن المؤشرات الحالية تعكس محاولات إدارة ترامب لاختبار خيارات جديدة في سياق سياساتها الخارجية، وهو ما قد يفتح الباب أمام مزيد من الجدل والتطورات في المرحلة المقبلة.