مع اقتراب عودة رائدي الفضاء العالقين
هل يؤثر البقاء في الفضاء فترة طويلة على جسم الإنسان؟

بعد 9 أشهر قضاها رائدا الفضاء بوتش ويلمور وسوني ويليامز على متن محطة الفضاء الدولية، في رحلة كان المقرر لها أسبوعاً لكن الصعوبات الفنية جعلتهما عالقين في الفضاء لمدة تسعة أشهر، اقترب موعد عودتهما للأرض.
حيث وصلت كبسولة تابعة لشركة "سبيس إكس" إلى محطة الفضاء الدولية يوم أمس الأحد، حاملةً بديلين لرائدي الفضاء العالقين التابعين لوكالة "ناسا".
وسيقضي الرواد الجدد، الذين يمثلون الولايات المتحدة واليابان وروسيا، الأيام القليلة المقبلة في التعرف على تفاصيل المحطة الفضائية من زميلَيْهم بوتش ويلمور وسوني ويليامز.
ومن المقرر أن يعود ويلمور وويليامز إلى الأرض لاحقًا هذا الأسبوع على متن كبسولة "سبيس إكس"، منهيين مهمةً امتدت بشكل غير متوقع منذ يونيو الماضي.
كان من المفترض أن تستغرق مهمة ويلمور وويليامز أسبوعًا واحدًا فقط عندما انطلقا في أول رحلة فضائية لشركة "بوينج"، لكنهما أمضيا تسعة أشهر في الفضاء بسبب مشكلات فنية واجهتها كبسولة "ستارلاينر" التابعة لـ"بوينج"، مما دفع "ناسا" إلى الإصرار على عودتها فارغة.
في يونيو 2024، كان من المقرر أن يبقى ويليامز ويلمور لمدة أسبوع على متن محطة الفضاء الدولية، لكن الصعوبات الفنية جعلتهما عالقين في الفضاء لمدة تسعة أشهر.
وخلال مؤتمر صحفي في الرابع من مارس، أكد ويلمور أنهما كانا مستعدين لاحتمال البقاء لفترة أطول، قائلًا: "هذا هو جوهر رحلات الفضاء البشرية، التخطيط للطوارئ غير المتوقعة، وقد فعلنا ذلك".
تأثير الفضاء على جسم الإنسان
عندما يتعرض الجسم لظروف الفضاء، تحدث تغيرات كبيرة بسبب انعدام الجاذبية والتعرض للإشعاع الفضائي، وفقًا لوكالة ناسا، فإن الانتقال من جاذبية الأرض إلى انعدام الوزن يؤثر على التوجه المكاني والتوازن، وقد يسبب دوار الحركة، كما تتحرك سوائل الجسم نحو الأعلى، مما يزيد من خطر مشاكل الرؤية وحصوات الكلى بسبب الجفاف.
ويؤدي انعدام الوزن أيضًا إلى فقدان كثافة العظام الحاملة للوزن بنسبة تتراوح بين 1% و1.5% شهريًا، بالإضافة إلى فقدان كتلة العضلات، وقد لا يتم استعادة هذه الكثافة العظمية بالكامل حتى بعد العودة إلى الأرض وإعادة التأهيل، وللتخفيف من هذه التأثيرات، يستخدم رواد الفضاء أصفادًا ضاغطة للحفاظ على تدفق الدم في الأطراف السفلية، بالإضافة إلى تناول أدوية لتقليل خطر حصوات الكلى.
زيادة التعرض للإشعاع الفضائي
على الأرض، يحمينا المجال المغناطيسي والغلاف الجوي من مستويات الإشعاع المنخفضة. لكن في الفضاء، يتعرض رواد الفضاء لمستويات أعلى من الإشعاع الفضائي، مما يزيد من خطر الإصابة بالسرطان والأمراض التنكسية على المدى الطويل. ويعمل الباحثون حاليًا على تطوير طرق لتقليل هذه المخاطر.
تغيرات في العين والقلب
وفقًا لمركز طب الفضاء التابع لكلية بايلور الطبية، فإن قضاء فترات طويلة في الفضاء قد يؤدي إلى تغيرات في العين، مثل تسطح مقلة العين وتورم القرص البصري، وهي حالة تُعرف باسم متلازمة العين العصبية المرتبطة بالفضاء (SANS). كما يتأثر القلب بانعدام الجاذبية، حيث لا يحتاج إلى بذل جهد كبير لضخ الدم، مما قد يؤدي إلى ضعف عضلة القلب وزيادة خطر عدم انتظام ضربات القلب. وعند العودة إلى الأرض، قد يواجه القلب صعوبة في التكيف مع الجاذبية الطبيعية.
يوضح الخبراء أن التكيف مع الحياة على الأرض لن يكون سهلاً، أحد الآثار الجانبية الأقل شهرة للبقاء في الفضاء هو تطور "أقدام الطفل"، وهي حالة تصبح فيها باطن القدم أكثر نعومة وحساسية بسبب قلة الضغط والاحتكاك أثناء وجودهم في الفضاء.
وفقًا لرائد الفضاء السابق في ناسا ليروي تشياو، فإن انعدام الجاذبية يؤدي إلى تقليل سماكة الجلد في باطن القدم، ما يجعلها تشبه أقدام الأطفال. وعند العودة إلى الأرض، حيث يُضطر رواد الفضاء إلى استخدام أقدامهم للمشي، قد يشعرون بألم وانزعاج بسبب هذه الحالة.
هذه التغيرات الفسيولوجية هي جزء من التحديات التي يواجهها رواد الفضاء بعد مهمات طويلة في الفضاء، مما يتطلب فترة تأقلم لاستعادة الوضع الطبيعي لأجسامهم.
يواجه رواد الفضاء العالقون في الفضاء تحديات صحية كبيرة بسبب انعدام الجاذبية والتعرض للإشعاع، مما يتطلب استعدادًا دقيقًا وتدابير وقائية لضمان سلامتهم أثناء وبعد مهماتهم الفضائية.