الموت يخيم على غزة.. مئات الضحايا جراء القصف الإسرائيلي المتواصل

تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي استهداف قطاع غزة بغارات جوية مكثفة، وسط تحذيرات متكررة لسكان القطاع، في خطوة تعكس رغبتها في ممارسة أقصى الضغوط على حركة "حماس" للإفراج عن الرهائن. يأتي هذا التصعيد بعد فشل مفاوضات التهدئة، حيث تعتبر تل أبيب أن المفاوضات لن تستمر إلا تحت وطأة العمليات العسكرية، وهو ما يثير تساؤلات حول استراتيجيتها طويلة المدى في التعامل مع الأزمة.
إسرائيل أصدرت "تحذيراً أخيراً" لسكان غزة، مطالبةً بالإفراج عن الرهائن، وهو ما يعكس موقفاً متشدداً من الحكومة الإسرائيلية التي تواجه ضغوطاً داخلية بسبب استمرار احتجاز بعض الإسرائيليين في القطاع. في المقابل، ترفض "حماس" أي اتفاق جديد، مؤكدةً التزامها باتفاق تم التوقيع عليه سابقاً، لكنها تطالب بوقف ما تصفه بـ"حرب الإبادة" ضد المدنيين. هذا التباين في المواقف يعقد فرص التوصل إلى تهدئة، ويؤجج حالة عدم الاستقرار.
نزوح جماعي
مع استمرار القصف، اضطر آلاف الفلسطينيين إلى النزوح مرة أخرى، في مشهد يذكّر بموجات النزوح السابقة التي شهدها القطاع منذ بداية الحرب. الأوضاع الإنسانية تتفاقم مع استهداف المنازل والبنية التحتية، ما يزيد من الضغط على الجهات الإغاثية التي تعاني أصلاً من صعوبات في إيصال المساعدات. في هذا السياق، يأتي مقتل موظف أممي في القطاع ليعزز الاتهامات المتبادلة حول استهداف العاملين في المجال الإنساني، مما يزيد من تعقيد الأزمة.
ورغم الدعوات الدولية لخفض التصعيد، فإن إسرائيل لا تزال تحظى بدعم الولايات المتحدة في استمرار العمليات العسكرية، بحجة السعي إلى تحرير الرهائن. هذا الموقف يعرّض الإدارة الأميركية إلى انتقادات من بعض حلفائها، الذين يرون أن استمرار الحرب دون أفق سياسي واضح قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة، خاصة مع تدخل أطراف أخرى مثل "الحوثيين"، الذين أعلنوا استهداف إسرائيل بالصواريخ.
التحديات الداخلية لحكومة نتنياهو
رغم تمسك نتنياهو بالتصعيد العسكري، إلا أن حكومته تواجه ضغوطاً داخلية متزايدة، حيث خرجت مظاهرات في القدس تطالب بوقف الحرب وضمان عودة الرهائن. هذا الانقسام الداخلي يضعف موقفه السياسي، خاصةً مع تزايد الانتقادات حول كيفية إدارته للأزمة.
عشرات الضحايا
أعلنت فرق الدفاع المدني عن مقتل 44 فلسطينيًا على الأقل وإصابة العشرات بجروح، جراء غارات إسرائيلية استهدفت منازل مدنية في مناطق متفرقة من القطاع فجر الخميس.
في جنوب غزة، أكد المتحدث باسم الدفاع المدني، محمود بصل، أن الغارات الإسرائيلية استهدفت ستة منازل شرق خان يونس، ما أسفر عن سقوط 20 قتيلاً على الأقل، بالإضافة إلى إصابة عشرات آخرين بجروح متفاوتة. كما أشار إلى أن هناك عددًا من المفقودين لا يزالون تحت أنقاض المنازل المدمرة، ما يرجّح ارتفاع حصيلة الضحايا في الساعات القادمة.
وفي شمال القطاع، شهدت بيت لاهيا قصفًا مكثفًا أدى إلى سقوط 24 شهيدًا، بحسب وزارة الصحة في غزة. واستهدفت إحدى الغارات بيت عزاء في منطقة السلاطين، ما أدى إلى وقوع عدد كبير من الضحايا في مشهد يعكس تصعيدًا غير مسبوق في حجم الاستهدافات للمناطق المدنية.
جمود المفاوضات
في موازاة التصعيد العسكري، تستمر حالة الجمود السياسي، حيث شددت حركة حماس على أنها لا تزال متمسكة بالمفاوضات القائمة، مؤكدة عدم الحاجة إلى اتفاقات جديدة، نظرًا لوجود اتفاق موقّع مسبقًا وافقت عليه جميع الأطراف.
وقال المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي للحركة، طاهر النونو، إن حماس مستعدة لتنفيذ بنود الاتفاق، لكنها تتهم إسرائيل بالمماطلة والتعطيل، مشيرة إلى أن الاحتلال لديه نية مبيّتة لاستمرار الحرب.
وفي ظل استمرار الضربات الجوية، والتعثر في مسار التفاوض، يبدو أن الأوضاع في غزة تتجه نحو مزيد من التصعيد. فمع ارتفاع عدد الضحايا، وتكرار عمليات النزوح الجماعي، وغياب أي بوادر لاختراق سياسي قريب، تزداد المخاوف من أن يكون القطاع مقبلًا على مرحلة أكثر دموية في الأيام المقبلة.