اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

التهجير الطوعي.. أهداف استئناف العدوان الإسرائيلي على غزة

العدوان الإسرائيلي
العدوان الإسرائيلي

تراجعت حكومة بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي عن اتفاق وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير الماضي، واستأنفت الهجمات على غزة، مستهدفة المدنيين والبنية التحتية، وسط تواطؤ أمريكي واضح.
تتمثل الحجة الرسمية لإسرائيل في القضاء على حركة حماس، إلا أن استهدافها العشوائي للأحياء السكنية يعكس هدفًا أعمق يتمثل في تهجير السكان عبر تحويل غزة إلى بيئة غير صالحة للعيش، مما يدفع الأهالي إلى مغادرتها بصورة "طوعية"، تنفيذًا لمخطط ترامب بترحيل الفلسطينيين إلى مصر والأردن، وهو ما ترفضه الدول العربية رسميًا، لكنه يُنفّذ الآن بالقوة العسكرية.
في الوقت نفسه، تدّعي الحكومة الإسرائيلية أن استئناف القصف يهدف إلى الضغط على حماس لإطلاق سراح الرهائن، في حين أن الواقع يشير إلى أن استمرار العدوان يعرض حياتهم للخطر، وهو ما يدركه أهالي الأسرى الذين خرجوا في احتجاجات ضد حكومة نتنياهو.
وتزامنًا مع هذه التطورات، أعلن الاحتلال عن وزارة خاصة للتهجير الطوعي، مما يكشف عن مخطط طويل الأمد لتفريغ غزة من سكانها، وتحويلها إلى مشروع استثماري يخدم الأجندة الإسرائيلية.
ازدواجية المعايير الغربية وصمت المجتمع الدولي
في حين تتعامل الدول الغربية ببالغ التأثر مع ضحايا الحرب في أوكرانيا، يغيب أي تعاطف مماثل مع الأطفال الفلسطينيين الذين يُقتلون يوميًا بالقصف والجوع والبرد.
مجلس العموم البريطاني، على سبيل المثال، شهد جلسات مليئة بالحزن على ضحايا أوكرانيا، لكن لم يصدر عن المسؤولين الغربيين أي تصريحات مماثلة بشأن مأساة أطفال غزة.
كما أن الإدانات العربية والإسلامية لما يحدث في غزة لا تتجاوز كونها بيانات استنكار، في حين أن الأزمة تتطلب تحركًا حقيقيًا لوقف جرائم الاحتلال.
التصعيد الأمريكي ضد الحوثيين والضغط على إيران
لا تقتصر السياسة الأمريكية على دعم إسرائيل، بل تسعى إدارة الرئيس دونالد ترامب إلى إضعاف إيران وحلفائها في المنطقة عبر تصعيد الضربات العسكرية ضد الحوثيين، بدعوى تأمين الملاحة في البحر الأحمر.
إلا أن الهدف الحقيقي لهذا التصعيد ليس استقرار المنطقة، بل خدمة المصالح الإسرائيلية، وضمان بقاء إسرائيل القوة النووية المهيمنة، خاصة مع انشغال تركيا بتأمين حدودها.
ولا يبدو أن ترامب يهتم كثيرًا بأمن الحلفاء العرب، إذ إن سياساته ترتكز فقط على مصلحة إسرائيل، حتى لو أدى ذلك إلى تدمير دول عربية بأكملها.
مستقبل أمريكا في ظل سياسات ترامب الانعزالية
رغم استمرار تفوق أمريكا عسكريًا واقتصاديًا، فإن سياسات ترامب قد تُسرّع من انحسار النفوذ الأمريكي، حيث يدير العلاقات الدولية بعقلية رجل الأعمال، دون اعتبار للتحالفات الاستراتيجية أو التزامات واشنطن الدولية.
سياسته الانعزالية، المتمثلة في مقولة "أمريكا لا تحتاج العالم، بل العالم يحتاج أمريكا"، تسببت في إضعاف حلف الناتو، وتراجع العلاقات مع أوروبا.
ومع ذلك، فإن أمريكا ليست بمنأى عن الأزمات الداخلية، حيث أظهرت أزمة ارتفاع أسعار البيض بسبب إنفلونزا الطيور مدى اعتمادها على الأسواق الخارجية، وهو ما يتناقض مع خطاب ترامب بشأن الاكتفاء الذاتي.
على الصعيد السياسي، يظن ترامب أنه قادر على إدارة العالم عبر التهديد والضغط، لكن الرهان عليه بات خاسرًا، خاصة أن دولًا كبرى مثل الصين وروسيا تعمل على إرساء نظام عالمي متعدد الأقطاب، قائم على المصالح المتبادلة، وليس الإملاءات الأمريكية.
الرهان على أمريكا خاسر والمستقبل لنظام عالمي جديد
في ظل تزايد النزعة الأمريكية نحو الانعزال السياسي والهيمنة الإسرائيلية على القرار الأمريكي، يتضح أن مستقبل المنطقة لن يتحقق عبر اتفاقيات التطبيع أو التبعية لواشنطن، بل من خلال إيجاد حلول عادلة للقضية الفلسطينية، وخلق تحالفات جديدة تحترم سيادة الدول وتراعي مصالحها.