اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

بعد اتهامات بالفساد والإرهاب.. محكمة تركية تأمر بحبس عمدة إسطنبول وسط موجة غضب شعبي

تركيا
تركيا

أمرت محكمة تركية باحتجاز عمدة إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، على ذمة المحاكمة، في خطوة أثارت ردود فعل غاضبة داخل تركيا وخارجها. وأوضحت المحكمة أن قرارها جاء على خلفية تحقيقات تتعلق بالفساد داخل بلدية إسطنبول، فيما أشارت تقارير أخرى إلى أن إمام أوغلو يواجه أيضًا اتهامات بمساعدة جماعة إرهابية.
وبحسب الادعاء العام، فقد تم احتجاز 20 شخصًا آخرين على الأقل في إطار نفس القضية، بينما لا تزال التحقيقات جارية بشأن صلات مزعومة بين إمام أوغلو وحزب "العمال الكردستاني" المحظور، والذي تصنفه تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي كمنظمة إرهابية.
احتجاجات شعبية ضد الاعتقال وتصعيد أمني
أثار اعتقال إمام أوغلو موجة احتجاجات ضخمة في عدة مدن تركية، حيث تظاهر الآلاف في إسطنبول، أنقرة، وإزمير، معبرين عن رفضهم لما وصفوه بـ اعتقال سياسي يهدف إلى تقويض المعارضة. واستخدمت الشرطة التركية الغاز المسيل للدموع ورذاذ الفلفل ومدافع المياه لتفريق المحتجين، مما أدى إلى اعتقال 343 شخصًا وفقًا لوزارة الداخلية التركية.
وشهدت الاحتجاجات اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن، خصوصًا في محيط مبنى بلدية إسطنبول، حيث تتجمع المظاهرات بشكل يومي منذ اعتقال إمام أوغلو. كما أغلق المتظاهرون الشوارع الرئيسية في العاصمة أنقرة، رافعين شعارات تطالب بـ إطلاق سراح إمام أوغلو ووقف تسييس القضاء.
ردود فعل المعارضة وموقف حزب الشعب الجمهوري
ندد حزب الشعب الجمهوري، الذي ينتمي إليه إمام أوغلو، بالاعتقال، واصفًا إياه بأنه محاولة لتصفية الخصوم السياسيين. وحث الحزب أنصاره على الاستمرار في الاحتجاجات السلمية، مؤكدًا أنه لن يقبل بتعيين وصي حكومي لإدارة بلدية إسطنبول، وهو الإجراء الذي لجأت إليه الحكومة في السابق لإقصاء رؤساء بلديات معارضين.
وفي خطوة تصعيدية، قرر الحزب تنظيم تصويت تمهيدي داخلي لدعم ترشيح إمام أوغلو في الانتخابات الرئاسية المقبلة، داعيًا حتى غير الأعضاء للمشاركة في التصويت كنوع من الاحتجاج الشعبي ضد الاعتقال. وقد تم إعداد 5600 صندوق اقتراع في جميع الأقاليم التركية لجمع الأصوات، في إشارة واضحة إلى تمسك الحزب بترشيح إمام أوغلو رغم الاعتقال.

محاولة لمنع إمام أوغلو من الترشح للرئاسة
يُنظر إلى إمام أوغلو على أنه أبرز منافس محتمل للرئيس رجب طيب أردوغان في الانتخابات الرئاسية المقررة عام 2028، حيث أظهرت بعض استطلاعات الرأي تقدمه على أردوغان في حال ترشحه للرئاسة. ولذلك، يرى المراقبون أن اعتقاله قد يكون جزءًا من استراتيجية حكومية لإبعاده عن السباق الرئاسي.
وزاد الجدل حول هذه الفرضية بعدما أعلنت جامعة إسطنبول إلغاء شهادة إمام أوغلو الجامعية بعد يوم من اعتقاله، وهو ما قد يمنعه من الترشح للرئاسة بموجب القوانين التركية، التي تشترط أن يكون المرشح قد أكمل تعليمًا جامعيًا مدته أربع سنوات.

تركيا على صفيح ساخن

إضافة إلى التداعيات الداخلية، من المتوقع أن يكون لهذه الأزمة انعكاسات على العلاقات الخارجية لتركيا، خصوصًا مع تصاعد الانتقادات الغربية حول التضييق على المعارضة واستقلالية القضاء. وقد دعت بعض المنظمات الحقوقية الدولية إلى الإفراج الفوري عن إمام أوغلو، محذرة من أن هذه التطورات قد تؤثر على علاقات تركيا مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
في المقابل، تصر الحكومة التركية على أن القضاء مستقل ولا يخضع لأي تأثير سياسي، مشيرة إلى أن الاتهامات ضد إمام أوغلو تستند إلى أدلة قانونية، وليست جزءًا من حملة سياسية ضده.
ويبدو أن اعتقال إمام أوغلو قد وضع تركيا أمام مرحلة جديدة من التوترات السياسية والاجتماعية، حيث يرى البعض أنه قد يكون نقطة تحول في الصراع بين الحكومة والمعارضة، بينما يخشى آخرون من أن يؤدي هذا التصعيد إلى أزمة داخلية أوسع قد تؤثر على استقرار البلاد في السنوات المقبلة.