اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

من بلدية إسطنبول إلى زنزانة السجن.. هل انتهى الطموح السياسي لإمام أوغلو؟

 أكرم إمام أوغلو
أكرم إمام أوغلو

في لحظة فارقة بالمشهد السياسي التركي، وبينما كان حزب الشعب الجمهوري يستعد للإعلان عن ترشيح أكرم إمام أوغلو لخوض الانتخابات الرئاسية عام 2028، جاء اعتقاله ليخلط الأوراق ويفتح الباب أمام تساؤلات كبرى حول الدوافع الحقيقية وراء هذه الخطوة. وبينما تبرر السلطات التركية الاعتقال بتهم تتعلق بـ"الفساد ودعم الإرهاب"، ترى المعارضة أن الأمر لا يعدو كونه "محاولة انقلاب سياسي" تستهدف إبعاد منافس قوي عن طريق الرئيس رجب طيب أردوغان.
الخصم السياسي الأبرز لأردوغان
لطالما شكل أكرم إمام أوغلو، البالغ من العمر 54 عاماً، تحديًا سياسيًا للرئيس أردوغان، إذ يحظى بشعبية متزايدة حتى بات يُنظر إليه باعتباره المنافس الأقوى في الانتخابات الرئاسية المقبلة. تفوق إمام أوغلو على أردوغان في عدة استطلاعات للرأي، وكان انتخابه رئيسًا لبلدية إسطنبول عام 2019 بمثابة ضربة موجعة لحزب العدالة والتنمية الحاكم، إذ فاز في جولة الإعادة بفارق أكبر بعد أن أُلغيت نتائج الجولة الأولى، في خطوة اعتُبرت التفافًا على الديمقراطية.
حملة قانونية استهدفت المعارضة
اعتقال إمام أوغلو لم يكن حدثًا منفصلًا، بل يأتي ضمن سياق أوسع من الإجراءات التي استهدفت شخصيات معارضة خلال الأشهر الأخيرة. فقد واجه إمام أوغلو تحقيقات عدة، تضمنت اتهامات بتزعم منظمة إجرامية، والتلاعب في عطاءات حكومية، وتقديم دعم غير مباشر لحزب العمال الكردستاني عبر تحالفه الانتخابي مع حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد. كما سبق وأن أُدين في 2022 بتهمة "إهانة لجنة الانتخابات"، وحُكم عليه بالسجن لمدة عامين و7 أشهر، مع حرمانه من ممارسة العمل السياسي، لكنه تمكن من الطعن في القرار والبقاء في منصبه.
مسيرة سياسية لامعة رغم العراقيل
وُلد إمام أوغلو عام 1970 في طرابزون، وتدرج في عالم الأعمال قبل أن يدخل معترك السياسة من بوابة حزب الشعب الجمهوري. بدأ مسيرته الانتخابية عام 2009 لكنه لم ينجح، ثم عاد بقوة عام 2014 عندما فاز بمنصب رئيس بلدية بيليك دوزو، قبل أن يصعد بسرعة ليصبح رئيسًا لبلدية إسطنبول عام 2019. كان فوزه حينها تحولًا مهمًا في السياسة التركية، إذ أخرج أكبر مدينة في البلاد من قبضة حزب العدالة والتنمية لأول مرة منذ 25 عامًا.
إمام أوغلو.. الورقة الرابحة للمعارضة في 2028؟
مع احتفاظه برئاسة بلدية إسطنبول بعد انتخابات أبريل 2024، بدا إمام أوغلو في موقع قوي لمنافسة أردوغان وحزبه في الانتخابات الرئاسية المقبلة. فقد تمكن من تعزيز شعبيته ليس فقط داخل حزبه، ولكن أيضًا بين الناخبين الأكراد والشباب والمستقلين، مما جعله الخيار الأكثر ترجيحًا لتمثيل المعارضة في 2028. هذه المعطيات دفعت الكثيرين للاعتقاد بأن اعتقاله ليس مجرد خطوة قانونية، بل "تحرك سياسي استباقي" لمنع تقدمه في المشهد الانتخابي المقبل.
انعكاسات الاعتقال على المشهد السياسي التركي
اعتقال إمام أوغلو أدى إلى احتجاجات واسعة في عدة مدن تركية، فيما سارعت المعارضة إلى وصف الحدث بأنه "تصفية سياسية". كما أن هذا التصعيد القانوني يثير تساؤلات حول نزاهة الانتخابات المقبلة، وقد يعزز الشعور المتزايد لدى شريحة واسعة من الناخبين بأن حزب العدالة والتنمية يستخدم القضاء كسلاح ضد خصومه السياسيين.
هل ينجح إمام أوغلو في تجاوز الأزمة؟
رغم التحديات القانونية، لا يزال إمام أوغلو يحتفظ بدعم شعبي قوي، وربما يصبح اعتقاله عاملًا يزيد من شعبيته بدلًا من أن يقضي على طموحاته. فإذا استطاع تجاوز هذه الأزمة، فقد يخرج منها أقوى من ذي قبل، ليشكل التهديد الأكبر لأردوغان في 2028. وفي ظل حالة الاستقطاب الحاد في تركيا، قد يكون الصراع بين الرجلين هو العنوان الأبرز للمرحلة المقبلة.