اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار
بين خطوط ترمب الحمراء وحسابات طهران الرمادية.. هل تنجح عُمان في هندسة ”اتفاق مؤقت”؟ حركة «الشباب» تحاول السيطرة على قاعدة عسكرية إستراتيجية في وسط الصومال الناتو أمام التهديد الروسي.. توافق استراتيجي وضغوط أميركية قبيل قمة يونيو الأمم المتحدة تحذر: مخيم زمزم للنازحين «شبه خال» والوضع في المنطقة «مروع» روسيا أثبتت حسن نيتها.. ترمب يعيد رسم مشهد الحرب الأوكرانية الروسية الجيش الأمريكي ينفي استهداف موقع تراث عالمي في اليمن ويؤكد أن الحوثيون هم الفاعل بشأن البرنامج النووي.. إيران تعرض عقد مباحثات منفصلة مع أوروبا زيلينسكي يتهم روسيا باستخدام صاروخ ”«كوري شمالي» في ضربة كييف.. وترامب لبوتين: توقف الجيش اللبناني يتدخل لوقف الاشتباكات على الحدود مع سوريا رئيس الأركان الإسرائيلي يهدد بـ«توسيع» الهجوم على غزة في حالة عدم إطلاق الأسرى استشهاد 44 في ضربات إسرائيلية على قطاع غزة وقصف مركز للشرطة رويترز: ترامب يستعد لعرض صفقة أسلحة على السعودية بأكثر من 100 مليار

عاد بخفي حنين.. قراءة في زيارة نتنياهو ”الباهتة” لواشنطن

نتنياهو وترامب
نتنياهو وترامب

تُسلّط زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأخيرة إلى واشنطن الضوء على واقع جديد في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، يكشف عن تصدّع في التوقعات، وفتور غير مسبوق في تنسيق المصالح بين الحليفين التقليديين. الزيارة، التي وُصفت بـ"المخيبة للآمال" من قبل صحيفة تايمز أوف إسرائيل، لم تُثمر عن نتائج ملموسة، بل على العكس، جاءت لتؤكد تصاعد التباينات حول القضايا الجوهرية، وعلى رأسها إيران والملف التجاري.

فتور دبلوماسي خلف ابتسامات بروتوكولية

رغم الاستقبال الرسمي الذي حظي به نتنياهو في البيت الأبيض، فإن جوهر المحادثات التي جمعته بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب بدا خالياً من التفاهمات الاستراتيجية الحاسمة، بل طغت عليه المواقف المتباينة.

ففي الوقت الذي عبّر فيه ترامب عن انفتاح بلاده على محادثات مباشرة مع إيران بشأن برنامجها النووي، بدا نتنياهو متوجساً، وإن كان أظهر قبولاً "حذراً" بفكرة الدبلوماسية بشرط أن تُفضي إلى "تفكيك كامل" للمشروع النووي الإيراني، مستشهداً بالنموذج الليبي كمثال على ما يجب أن تكون عليه نتائج الحوار.

هذا التباين في المواقف لا يعكس فقط خلافاً في الرؤية، بل يُشير إلى تراجع نسبي في قدرة نتنياهو على التأثير في دوائر القرار الأمريكية، مقارنة بما كان عليه الوضع في مراحل سابقة، خصوصاً خلال فترات الصدام الأمريكي الإيراني في ظل إدارات أكثر تقاطعاً مع الرؤية الإسرائيلية، كإدارة جورج بوش الابن.

صفعة اقتصادية وسط تحالف أمني

الضربة الأكثر وضوحاً لنتنياهو تمثلت في رفض ترامب إلغاء الرسوم الجمركية الجديدة المفروضة على الواردات الإسرائيلية، والبالغة 17%. فبينما كانت تل أبيب تأمل بالحصول على استثناء، على خلفية العلاقات "الخاصة" التي تربط البلدين، جاء رد ترامب حاسماً وغير متعاطف، مكتفياً بالتذكير بالدعم المالي السنوي الذي تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل والذي يبلغ 4 مليارات دولار، في تلميح واضح إلى أن الامتيازات الاقتصادية لم تعد تلقى ذات الترحيب السياسي دون مقابل ملموس.

هذا التحول في الموقف يعكس سياسة ترامب التي ترتكز على إعادة صياغة العلاقات التجارية حتى مع الحلفاء، تحت شعار "أمريكا أولاً"، دون إيلاء كبير اعتبار للعلاقات التاريخية أو التحالفات القديمة، وهو ما قد يُنذر بإعادة ترتيب الأولويات في علاقة واشنطن مع الشرق الأوسط بشكل عام.

توقيت الزيارة، التي جاءت بشكل غير متوقع بعد زيارة نتنياهو لبودابست، يوحي بأنها كانت محاولة لاحتواء تغيرات سياسية دولية متسارعة، ومحاولة لإعادة الإمساك بخيوط التأثير، خاصة مع ازدياد المؤشرات على عودة الدبلوماسية الأمريكية إلى الميدان النووي الإيراني.
لكن، يبدو أن نتنياهو لم يُحقّق أيًا من أهدافه المرجوة، لا فيما يتعلق بإقناع ترامب بضرورة التشدد مع طهران، ولا في الحصول على مكاسب اقتصادية تعوّض الأعباء الداخلية المتزايدة في إسرائيل.

مغازلة شكلية ومضامين ضبابية

رغم تبادل التصريحات "الودية"، فإن الرسائل السياسية التي حملتها الزيارة لم تكن إيجابية بالنسبة لنتنياهو. فالولايات المتحدة لم تُبدِ استعدادًا للتراجع عن مواقفها الاقتصادية، ولم تلتزم بخطاب متشدد تجاه إيران، بل ذهبت نحو فتح مسار تفاوضي مباشر معها، ما يُعد تحولاً استراتيجياً في التعامل الأمريكي مع التهديدات الإقليمية، لا سيما من وجهة النظر الإسرائيلية.
تصريحات نتنياهو التي شدد فيها على "التعاطف مع موقف ترامب" تبدو أقرب إلى محاولة لاحتواء الموقف لا التأثير عليه، في مشهد يُظهر هشاشة النفوذ الإسرائيلي على قرارات الإدارة الأمريكية الحالية.

تحولات في علاقة غير متكافئة

زيارة نتنياهو إلى واشنطن تكشف عن مرحلة جديدة في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، حيث لم تعد تل أبيب في موقع "الشريك المُدلل"، بل بات عليها التعامل مع إدارة ترى في المصالح الاقتصادية والأمن القومي الأمريكي أولوية تتقدم على حسابات الحلفاء.
وفي حين تحاول إسرائيل الحفاظ على مكانتها الاستراتيجية في ظل تحولات إقليمية ودولية، فإن قدرتها على التأثير في مسار السياسات الأمريكية تجاه القضايا الحساسة — كإيران، والتجارة، والدعم السياسي — لم تعد بذات الزخم، في مشهد يعيد تشكيل ميزان القوى في المنطقة.

موضوعات متعلقة