اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

عاصفة دستورية في سيول.. محاكمة رئيس كوريا الجنوبية السابق بتهمة التمرد تهز النظام الديمقراطي

كوريا الجنوبية
كوريا الجنوبية

تشهد كوريا الجنوبية واحدة من أخطر الأزمات السياسية والدستورية في تاريخها الحديث، مع بدء أولى جلسات المحاكمة الجنائية للرئيس السابق يون سوك يول بتهم تتعلق بالتمرد ومحاولة تقويض النظام الديمقراطي، وهي تهم قد تقوده إلى عقوبات مشددة تصل إلى السجن المؤبد أو حتى الإعدام.


جذور الأزمة.. إعلان الأحكام العرفية


تعود جذور الأزمة إلى ليلة 3 - 4 ديسمبر، حين فاجأ يون البلاد بإعلانه الأحكام العرفية لفترة وجيزة، في خطوة اعتبرها كثيرون انقلابًا ناعمًا على السلطة المدنية والدستور. ورغم أن الإجراء أُلغي بسرعة، إلا أن صداه السياسي كان عنيفًا، حيث فجّر موجة من الغضب داخل البرلمان والأوساط القضائية، إضافة إلى استياء شعبي واسع.
هذا التحرك المفاجئ هزّ الثقة في النظام السياسي، وأعطى انطباعًا بأن الرئيس كان يحاول الالتفاف على المؤسسات الديمقراطية من خلال تعطيل صلاحياتها مؤقتًا تحت ذريعة الطوارئ، ما أعاد إلى الذاكرة فصولًا من تاريخ الانقلابات العسكرية في شرق آسيا.

ردّ البرلمان الكوري الجنوبي جاء سريعًا، حيث تم إطلاق إجراءات عزل دستوري ضد يون بتهمة خرق الدستور وسلطة القانون. وبموازاة ذلك، أصدرت السلطة القضائية مذكرة توقيف بحقه، نُفّذت في 15 يناير، قبل أن تثير المحكمة الجدل مجددًا بإلغاء المذكرة وإطلاق سراحه في 8 مارس.


هذا القرار فجّر جدلًا واسعًا حول استقلال القضاء وتوازنه، خاصة مع تصاعد الاتهامات بوجود انقسام داخل المؤسسة القضائية بين من يؤيدون تشديد الإجراءات على يون، ومن يعتبرون ما حصل تجاوزًا للحقوق القانونية للرئيس السابق.

مرحلة الفراغ السياسي.. عزل رسمي وانتخابات مبكرة


ورغم إطلاق سراحه، فإن الإجراءات ضده لم تتوقف. فقد أعلنت المحكمة الدستورية العليا هذا الشهر تأييدها لعزله رسميًا من منصبه، ما أدخل البلاد في فراغ سياسي غير مسبوق. ووفقًا للدستور الكوري، تم تحديد 3 يونيو المقبل موعدًا لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة لاختيار رئيس جديد.

محاكمة يون التي انطلقت هذا الأسبوع، تعد اختبارًا فاصلاً للنظام الديمقراطي الكوري، إذ أنها المرة الأولى التي يُحاكم فيها رئيس بتهمة التمرد ومحاولة الانقلاب على النظام في إطار ديمقراطي متطور. ووفقًا لتقارير "وكالة الصحافة الفرنسية"، فإن هذه المحاكمة قد تكون سابقة على مستوى العالم من حيث الاتهامات وطبيعة النظام السياسي الذي وقعت فيه.

صراع بين المؤسسات وشكوك حول المستقبل

المشهد العام في كوريا الجنوبية اليوم مرشّح لمزيد من التوترات، في ظل احتدام الصراع بين المؤسسات الدستورية، وتصاعد القلق الشعبي من تداعيات الأزمة. ورغم أن النظام الديمقراطي يحاول إثبات قدرته على تجاوز المحنة، إلا أن استمرار الغموض الدستوري والضغوط الداخلية والخارجية يجعل مستقبل البلاد السياسي على المحك.
ويبقى السؤال مفتوحًا:
هل تنجح كوريا الجنوبية في اجتياز هذه العاصفة السياسية دون أن تخسر أحد أهم مكتسباتها: ديمقراطيتها الناضجة؟.

موضوعات متعلقة