ترمب 2028.. تحدي الدستور أم تسويق سياسي؟

في خطوة أثارت جدلاً واسعاً، شرع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الترويج لسلع تحمل شعار "ترمب 2028"، في إيحاء مباشر بنيّته السعي لولاية رئاسية ثالثة، رغم أن ذلك محظور صراحةً بموجب التعديل الثاني والعشرين للدستور الأميركي. وقد بدأ متجره الرسمي بعرض القبعات الحمراء الشهيرة وقمصان ومبرّدات كتب عليها شعار الحملة المرتقبة، مترافقة مع عبارة مثيرة: «أعد كتابة القواعد».
بين الدستور والطموح الشخصي
يُعدّ الترويج لفكرة ولاية ثالثة خروجاً عن أحد أهم المبادئ الدستورية التي أرساها التعديل الثاني والعشرون عام 1951، والذي جاء رداً على تجربة الرئيس فرانكلين روزفلت الذي تولّى المنصب أربع مرات قبل وفاته. وينص التعديل بوضوح على أنه «لا يجوز انتخاب أي شخص لمنصب الرئيس أكثر من مرتين». ومع ذلك، فإن ترمب البالغ من العمر 78 عاماً لم يُخفِ طموحه، بل أكد في تصريحات سابقة أنه "لا يمزح"، ملمّحاً إلى وجود "طرق" تُمكّنه من تجاوز هذا القيد الدستوري.
دعم سياسي وجماهيري متفاوت
على الرغم من الجدل القانوني، فإن فكرة الولاية الثالثة تحظى بدعم ملحوظ من بعض حلفاء ترمب. فقد صرّح مستشاره الاستراتيجي السابق ستيف بانون بأن ترمب "سيترشح ويفوز مجدداً في 2028"، بينما قدّم النائب الجمهوري آندي أوغلز مشروع تعديل دستوري يسمح بذلك. لكن الواقع السياسي يشير إلى صعوبة تحقيق هذا التعديل، نظراً لاحتياجه إلى موافقة ثلثي الكونغرس وتصديق ثلاثة أرباع الولايات، وهي عملية شبه مستحيلة في المناخ السياسي الأميركي الحالي.
في المقابل، أظهر استطلاع أجرته "رويترز - إبسوس" أن غالبية الجمهوريين لا يؤيدون ترشح ترمب لولاية ثالثة، حيث عارض 75% منهم الفكرة، ما يعكس انقساماً داخل الحزب ذاته بين القاعدة الشعبية المتحمسة وبين الرؤية الدستورية التقليدية.
تسويق أم تمهيد سياسي؟
يثير استخدام شعار "ترمب 2028" على المنتجات تساؤلات عما إذا كان الأمر مجرد حملة تسويقية مدروسة لجذب الأنظار، أم تمهيداً فعلياً لتحدي الإطار الدستوري. ويدعم هذا الطرح مشاركة نجل ترمب، إريك، في الترويج للمنتجات عبر منصات التواصل، مرتدياً القبعة الجديدة ومرفقاً رابطاً للشراء.
وفي سلوك لا يخلو من السخرية أو الرسائل الرمزية، قال ترمب مؤخراً إنه "يرغب في الترشح ضد باراك أوباما"، رغم أن الأخير، هو الآخر، ممنوع دستورياً من الترشح، في ما يبدو أنه تلميح آخر إلى رغبته في كسر المحظورات السياسية.
سواء أكانت الحملة «ترمب 2028» محاولة فعلية لاختراق سقف النظام الدستوري الأميركي، أم مجرد أداة ذكية لحشد الأنصار وتعزيز الحضور الإعلامي، فإنها تعكس توجهاً متصاعداً داخل التيار الترامبي يسعى لإعادة تشكيل قواعد اللعبة السياسية في الولايات المتحدة، وهو ما قد يُنذر بمواجهة دستورية غير مسبوقة في التاريخ الأميركي المعاصر.