تحول تاريخي في بريطانيا.. تحديات هائلة لحزب العمال في الحكم
أظهرت نتائج رسمية اكتساح حزب العمال البريطاني ووصوله إلى السلطة، الجمعة، بعد أكثر من عقد من المعارضة، فيما يبدو أن الناخبين المنهكين منحوا الحزب فوزا ساحقا، لكن العمال أيضا سيضطلعون بمهمة ضخمة تتمثل في إعادة تنشيط الاقتصاد الراكد والأمة المحبطة.
وسيصبح زعيم حزب العمال كير ستارمر رئيسًا للوزراء رسميًا في وقت لاحق من الجمعة، ليقود حزبه إلى الحكومة بعد أقل من 5 سنوات من تعرضه لأسوأ هزيمة له منذ قرن تقريبًا.
وفي ظل التقلبات الوحشية للسياسة البريطانية، سيتولى المسؤولية في 10 داونينغ ستريت بعد ساعات من فرز الأصوات مع خروج زعيم المحافظين ريشي سوناك.
واعترف ستارمر في خطاب ألقاه أمام أنصاره بأن "تفويضًا كهذا يأتي مصحوبًا بمسؤولية كبيرة"، قائلاً إن الكفاح من أجل استعادة ثقة الناس "هي المعركة التي تحدد عصرنا".
وفي حديثه مع اقتراب الفجر في لندن، قال ستارمر إن حزب العمال سيقدم: "ضوء الشمس من الأمل، شاحبًا في البداية ولكنه سيصبح أقوى مع مرور اليوم".
واعترف سوناك بالهزيمة قائلا إن الناخبين أصدروا "حكما رصينا".
بالنسبة لستارمر، يعد هذا انتصارًا هائلاً من شأنه أن يجلب تحديات هائلة، حيث يواجه ناخبين منهكين متعجلين للتغيير على خلفية قاتمة من الضيق الاقتصادي، وتزايد عدم الثقة في المؤسسات وت كل النسيج الاجتماعي.
وشهدت بريطانيا سلسلة من السنوات المضطربة، بعضها من صنع المحافظين والبعض الآخر ليس من صنع المحافظين، الأمر الذي جعل العديد من الناخبين متشائمين بشأن مستقبل بلادهم.
وأدى خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، الذي أعقبه جائحة كوفيد-19 والاجتياح الروسي لأوكرانيا، إلى الإضرار بالاقتصاد، في حين تسببت الحفلات التي خرقت الإغلاق والتي أقامها رئيس الوزراء آنذاك بوريس جونسون وموظفيه في إثارة غضب واسع النطاق.
وهزت خليفة جونسون، ليز تروس، الاقتصاد بشكل أكبر بحزمة من التخفيضات الضريبية الجذرية واستمرت 49 يومًا فقط في منصبها، ما أدى إلى ارتفاع معدلات الفقر وتخفيض الخدمات الحكومية إلى ظهور شكاوى من "بريطانيا المكسورة".
في حين تبدو النتيجة وكأنها تتناقض مع التحولات الانتخابية اليمينية الأخيرة في أوروبا، بما في ذلك في فرنسا وإيطاليا، فإن العديد من تلك التيارات الشعبوية الخفية تتدفق في بريطانيا.
وأزعج زعيم الإصلاح في المملكة المتحدة نايغل فاراغ السباق بسبب مشاعر حزبه المناهضة للمهاجرين والتي تقول: "أعيدوا بلادنا" وقوض الدعم الذي يحظى به المحافظون، الذين يواجهون بالفعل فاقا قاتمة.
وأظهرت استطلاعات الخروج أن حزب العمال في طريقه للفوز بنحو 410 مقاعد في مجلس العموم المؤلف من 650 مقعدا والمحافظين على 131 مقعدا.
مع ظهور غالبية النتائج، تأكدت الصورة العامة للانهيار الساحق لحزب العمال، على الرغم من تباين تقديرات العدد النهائي، حيث توقعت "بي بي سي" أن يحصل حزب العمال في نهاية المطاف على 410 مقاعد والمحافظين على 144 مقعدا.
والنتيجة هي كارثة بالنسبة للمحافظين، إذ عاقبهم الناخبون على مدى 14 عاماً من ترأسهم سياسات التقشف، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والجائحة، والفضائح السياسية، والصراع الداخلي بين المحافظين. تترك الهزيمة التاريخية الحزب منهكًا وفي حالة من الفوضى، ومن المرجح أن تثير منافسة فورية لاختيار بديل لسوناك في زعامة الحزب.