العلاقات الجزائرية الفرنسية.. تصعيد في التوترات السياسية وخلافات حول الصحراء الغربية
وسعت وسائل الإعلام الجزائرية في الفترة الأخيرة من هجماتها ضد الإعلام الفرنسي، وذلك على خلفية الانتقادات التي طالت مسار الانتخابات الرئاسية التي جرت يوم السبت الماضي، وأيضاً بسبب تصاعد التوترات نتيجة دعم باريس لمقترح الحكم الذاتي المغربي كحل للنزاع في الصحراء الغربية.
في سياق الهجوم القوي، الذي يعكس عمق الخلافات بين الجزائر وفرنسا في ظل التقارب الفرنسي المغربي، نشرت وكالة الأنباء الجزائرية مقالاً تصف فيه الصحافة الفرنسية بأنها "جوقة إعلامية محترفة في ممارساتها العدائية ضد الجزائر".
وقد تناول التقرير الإعلامي الفرنسي الذي انتقد غياب المنافسة الحقيقية في الانتخابات الرئاسية، حيث فاز الرئيس عبد المجيد تبون بنسبة تجاوزت 95% أمام مرشحين لا يحظون بدعم شعبي كبير. كما انتقد الإعلام الفرنسي ضعف نسبة المشاركة في الانتخابات، التي لم تتجاوز 48%، مما يعكس رفض الشعب الجزائري لمسار الانتخابات الحالي الذي يفتقر إلى التعددية والديمقراطية، ويغيب فيه ترشيح سياسيين بارزين.
وفي إطار ردود الفعل المتوترة، وصف التقرير قناة "فرنس 24"، التي تناولت الانتخابات الجزائرية بنظرة متوازنة واستضافت أصواتاً معارضة من الخارج، بأنها "قناة القمامة"، مما يعكس عدم رضا النظام الجزائري عن الأصوات المطالبة بالحريات والإصلاحات السياسية الحقيقية.
وشنت وكالة الأنباء الجزائرية هجوماً لاذعاً على الصحافة الفرنسية، قائلة إن هدفها هو "تعتيم الصورة وتعزيز نبرة التهويل المليئة بالأكاذيب"، مؤكدة أن هذه الصحافة تستهدف التقليل من شأن التحولات التي شهدتها الجزائر منذ تولي الرئيس تبون، في وقت تواجه فيه فرنسا أزمة سياسية واقتصادية كبيرة.
وذكر التقرير أيضاً تاريخ الاستعمار الفرنسي للجزائر كجزء من تبرير الموقف العدائي ضد الإعلام الغربي، مشيراً إلى أن الجزائر، التي كانت مستعمرة، أصبحت الآن "بلد الحريات، مستقر ومزدهر"، بعيداً عن صورة البؤس التي قد تروج لها الصحافة الفرنسية.
كما أشار التقرير إلى "النتائج الاقتصادية الإيجابية" التي حققتها الجزائر وفقاً لهيئات دولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، رغم أن هذا الخطاب يثير السخرية بين بعض الجزائريين. وقارن التقرير بين الوضعين السياسي والاقتصادي في الجزائر وفرنسا، مدعياً أن الجزائر في وضع أفضل، وأنها دولة ذات مؤسسات شرعية ومستقرة بينما فرنسا تعاني من عدم الاستقرار الاقتصادي والديون الهائلة.
يبرز هذا التقرير الغضب الجزائري من التناول الإعلامي الفرنسي للانتخابات الرئاسية، ولكنه يعكس أيضاً استياءً من دعم الرئيس إيمانويل ماكرون لمبادرة الحكم الذاتي المغربي للصحراء الغربية. ويبدو أن الجزائر تواجه تحديات دبلوماسية كبيرة نتيجة لهذه المواقف، وتحاول الضغط على باريس وتفعيل أوراقها السياسية على الرغم من محدودية تأثيرها.
في وقت سابق، حاولت الجزائر أيضاً ممارسة الضغط على إسبانيا بعد دعمها لمبادرة المغرب بشأن الصحراء الغربية، ولكن دون نجاح يذكر، حيث استمرت مدريد في تعزيز شراكتها مع الرباط دون تأثر.