معارك الفاشر.. صراع على البقاء في خضم حرب الشوارع بالسودان
اقتحمت قوات "الدعم السريع" مدينة الفاشر، محولةً أجزائها إلى ساحة معارك طاحنة بعد أسابيع من حصارها، مما يزيد من تعقيد مشهد الصراع في السودان. الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، تشهد حالياً مواجهات عنيفة مع الجيش السوداني، بينما تستمر الاشتباكات في أم درمان وولاية الجزيرة.
على الرغم من دعوة الرئيس الأمريكي جو بايدن الأسبوع الماضي لطرفي النزاع للعودة إلى طاولة المفاوضات، فإن القتال المتصاعد في الفاشر وأماكن أخرى يعكس تراجع تلك الآمال. وقد أبدى قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان وقائد قوات "الدعم السريع" محمد حمدان دقلو، المعروف بـ"حميدتي"، استعداداً للحلول السلمية، لكن المعارك تواصلت بلا هوادة.
مصادر عسكرية أفادت بأن المعارك قد تحولت إلى "حرب شوارع"، حيث تتقارب القوات في محيط الفرقة السادسة مشاة، ما يعقد الأوضاع الأمنية والعسكرية داخل المدينة. قوات "الدعم السريع" حشدت الآلاف من عناصرها، مُستهدفة السيطرة الكاملة على الفاشر.
شهادات شهود عيان تشير إلى استخدام الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، مع تصاعد القتال حتى وصل إلى نقطة حرجة. الفاشر كانت آخر معقل غير خاضع لسيطرة "الدعم السريع" في إقليم دارفور، بعد أن نجحت هذه القوات في السيطرة على ولايات أخرى في المنطقة.
تسبب القتال المتزايد في نزوح أكثر من 500 ألف شخص من المدينة، التي تقع على بُعد 800 كيلومتر غرب الخرطوم. وفي السياق ذاته، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى وقف الهجوم، بينما أدان الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي تصاعد القتال مطالباً بحماية المدنيين.
على صعيد متصل، شهدت مدينة أم درمان مواجهات مماثلة، حيث أفادت المصادر بأن قصف "الدعم السريع" لمنطقة كرري أسفر عن وقوع قتلى وجرحى. كما عانت ولاية الجزيرة من معارك عنيفة، أدت إلى نزوح المئات.
وفيما تتواصل المعارك، أعلن وزير الصحة السوداني عن ارتفاع عدد وفيات الكوليرا إلى 388 حالة، مع تسجيل ما يقارب 12,896 إصابة، مما يزيد من التحديات الإنسانية في ظل تفشي الأوبئة.
الحرب التي تندلع بين الجيش السوداني و"الدعم السريع" تسببت في مقتل نحو 20 ألف شخص، فضلاً عن تهجير أكثر من 10 ملايين، مما يستدعي تحركاً دولياً عاجلاً لوضع حد لهذه الأزمة المتفاقمة.