شرق السودان على شفا الانفجار.. صراع الميليشيات والغطاء الإريتري يهدد استقرار الإقليم
تزايدت المخاوف من انفجار الأوضاع الأمنية في إقليم شرق السودان، بسبب تنامي تواجد الميليشيات القبلية التي جلبها الجيش السوداني لمساندته في حربه ضد قوات "الدعم السريع". ورغم أن هذه الميليشيات جميعها ترفع شعار "مساندة الجيش في حرب الكرامة"، فإن الخلافات بدأت تظهر فيما بينها، وهو ما يزيد من تعقيد الوضع في الإقليم الذي يعتبر مقرًا لحكومة الجيش.
ظهور "الأورطة الشرقية"
من أبرز هذه الميليشيات الجديدة التي ظهرت في المنطقة هي ميليشيا "الأورطة الشرقية"، التي يقودها الأمين داؤود، والتي أعلنت عن انتشارها في مدينة كسلا في الأسابيع الماضية. وقد تسبب هذا الانتشار في إثارة توترات وصراعات بين "الأورطة الشرقية" من جهة، وبين "قوات الحركات المسلحة المشتركة" من جهة أخرى، وكذلك مع قبائل "البجا"، وهي القومية الأكثر انتشارًا في شرق السودان.
تضم ميليشيا "الأورطة الشرقية" مقاتلين من قبيلة "البني عامر"، التي تنتشر في كل من السودان وإريتريا. ويعد الأمين داؤود، قائد هذه الميليشيا، شخصية مثيرة للجدل، حيث كان جزءًا من اتفاق "جوبا للسلام" مع الحكومة السودانية، لكنه يواجه معارضة كبيرة في إقليم الشرق، ما أدى إلى تعليق تنفيذ هذا الاتفاق هناك.
رفض "قومية البجا" واتهامات بالتدخل الإريتري
سرعان ما اصطدمت "الأورطة الشرقية" مع "قومية البجا"، التي تعتبر أكبر تجمع قبلي في شرق السودان، حيث رأت في تدخل هذه الميليشيا محاولة من دولة إريتريا للهيمنة على الإقليم. ووجهت "قومية البجا" اتهامات شديدة للأمين داؤود بأنه يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالحكومة الإريترية، خصوصًا مع أن بعض التقارير تشير إلى أن "الأورطة الشرقية" قد تلقت تدريبات في معسكرات بإريتريا.
وفي هذا السياق، أصدرت "قومية البجا" بيانًا شديد اللهجة، وصفت فيه "الأورطة الشرقية" بأنها ميليشيا قبلية مسلحة تهدف إلى تنفيذ أجندات أجنبية في شرق السودان، مشيرة إلى أن هناك محاولة للسيطرة على الإقليم من خلال هذه الميليشيات المدعومة من إريتريا. كما أكدت أن "الأورطة الشرقية" ليست مجرد ميليشيا سودانية بل قوة تعمل لصالح إريتريا، وهو ما يعكس تدخلًا أجنبيًا مرفوضًا من قبل القبائل السودانية.
غطاء لتدخل خارجي
مصادر مطلعة أكدت أن "الأورطة الشرقية" لا تتجاوز الـ200 مقاتل، ولكن من المتوقع أن تتحول إلى غطاء لتدخل الجيش الإريتري في شرق السودان. وأشارت المصادر إلى أن البرهان، قائد الجيش السوداني، قد يوافق على دعم الرئيس الإريتري أسياس أفورقي للجيش السوداني في مقابل إتاحة له السيطرة على بعض المناطق الحدودية في شرق السودان، مثل ولاية كسلا، التي تضم قوميات مشتركة بين السودان وإريتريا.
وأكدت هذه المصادر أن الرئيس الإريتري يسعى إلى توسيع نفوذه في السودان من خلال دعم قوات "الأورطة الشرقية"، التي تتبع مباشرة الجيش الإريتري، بهدف تعزيز مصالح إريتريا في المنطقة.
التوترات بين الحركات المسلحة
إلى جانب "الأورطة الشرقية"، هناك ميليشيا أخرى تعمل في الإقليم، وهي "القوة المشتركة" التي تضم حركات مسلحة تحالفت مع الجيش السوداني في السابق. إلا أن هذه الحركات تواجه رفضًا متزايدًا من سكان الشرق، خاصة من جانب القيادات القبلية المحلية التي ترى أن هذه الحركات تستحوذ على المال والموارد العسكرية من خزينة الدولة.
ومن المتوقع أن تنشأ توترات كبيرة بين "القوة المشتركة" والحركات المسلحة من جهة، و"الأورطة الشرقية" من جهة أخرى، ما قد يؤدي إلى صراع مفتوح في المنطقة. كما يبرز المحلل الأمني عادل بشير احتمال أن تكون هذه الخلافات جزءًا من خطة لتقسيم السودان، بدءًا من إقليم دارفور، حيث يهدف الجيش السوداني إلى دفع الحركات المسلحة للعودة إلى غرب السودان، وهو ما يُعتبر تمهيدًا للفصل بين المناطق المختلفة في البلاد.
توقعات مستقبلية
إذا استمرت هذه الصراعات بين الميليشيات المدعومة خارجيًا والمحلية، فإن الوضع في شرق السودان قد ينفجر في أي لحظة. وكل الأطراف هناك، من قوات الجيش السوداني إلى الميليشيات القبلية، مدججة بالسلاح ولديها دعم خارجي، مما يجعل الوضع أكثر تعقيدًا وخطورة.