حرب وركود.. تأثير الصراع على الاقتصاد الإسرائيلي وتاريخه المؤلم
يتوقع محللون أن يمتد تأثير الصراع الحالي في المنطقة ليشكل عبئًا اقتصاديًا كبيرًا على إسرائيل، يذكّرها بالعشر سنوات الصعبة التي عاشتها إبان حرب أكتوبر 1973 مع مصر. وفي الوقت الذي تسعى فيه الحكومة للتعامل مع تداعيات الحرب، تتزايد التكاليف الاقتصادية بشكل ملحوظ، مما قد يضع البلاد أمام تحديات جديدة.
قبل أيام، ومع تصاعد الصراع الذي تواجهه إسرائيل منذ حوالي عام، أشار وزير المالية بتسلئيل سموتريتش إلى قدرة الاقتصاد الإسرائيلي على الصمود في وجه هذه الضغوط، مؤكدًا أن "الاقتصاد يتحمل عبء أطول وأغلى حرب في تاريخ البلاد". ومع ذلك، فإن التحليلات تشير إلى أن استمرار الصراع في المنطقة سيؤدي إلى تفاقم التكاليف، ليس فقط لإسرائيل ولكن للبلدان المجاورة أيضًا.
وفقًا لكارنيت فلوج، المحافظة السابقة للبنك المركزي الإسرائيلي، فإن أي تصعيد جديد قد يفرض ضغوطًا إضافية على النشاط الاقتصادي في إسرائيل. فقد حذرت الأمم المتحدة من تفاقم الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في غزة والضفة الغربية، وأشارت التوقعات إلى انكماش الاقتصاد اللبناني بنسبة تصل إلى 5% هذا العام.
أما بالنسبة للاقتصاد الإسرائيلي، فيتوقع أن ينكمش أكثر مما كان متوقعًا سابقًا، حيث يُعتبر أن الناتج المحلي الإجمالي للفرد سيتراجع نتيجة لزيادة السكان بشكل أسرع من نمو الاقتصاد. قبل الصراع، كان صندوق النقد الدولي يتوقع نمو الاقتصاد الإسرائيلي بنسبة 3.4%، لكن التوقعات الآن تتراوح بين 1% و1.9%.
250 مليار شيكل تكلفة ناجمة عن الحرب في غزة
تقديرات بنك إسرائيل تشير إلى أن التكاليف الناجمة عن الحرب قد تصل إلى 250 مليار شيكل (66 مليار دولار) حتى نهاية العام المقبل، أي ما يعادل حوالي 12% من الناتج المحلي الإجمالي. هذه التكاليف تشمل النفقات العسكرية والمدنية، مثل توفير المساكن للمدنيين الذين تم تهجيرهم.
ويحذر الباحثون من أن الحكومة الإسرائيلية قد تلجأ إلى تقليص الاستثمارات لتحرير الموارد للدفاع، مما سيؤثر سلبًا على النمو المستقبلي. وقد أبدى معهد دراسات الأمن القومي تشاؤمًا بشأن الأضرار الاقتصادية طويلة الأمد التي ستعاني منها إسرائيل، والتي قد تشبه الفترة التي تلت حرب يوم الغفران.
أيضًا، قد تؤدي الزيادات الضريبية والإنفاق العسكري المتزايد إلى تراجع الاستثمارات في القطاعات الحيوية مثل التكنولوجيا، ما يهدد بعمليات هجرة واسعة النطاق من قبل الأفراد ذوي الكفاءات العالية. وقد أشار الخبراء إلى أن قطاع التكنولوجيا يعتمد بشكل كبير على الابتكار والإبداع، وهو يمثل 20% من الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل.
فيما يتعلق بالعجز المالي، فقد تضاعف إلى 8% من الناتج المحلي الإجمالي نتيجة للصراع، مع زيادة تكاليف الاقتراض وارتفاع أسعار الفائدة. وفي ظل عدم اليقين، يتوقع أن تغلق نحو 60 ألف شركة إسرائيلية أبوابها هذا العام، مما قد يزيد من تفاقم الوضع المالي.
في الختام، تبدو القطاعات الأخرى مثل الزراعة والبناء والسياحة متأثرة أيضًا، حيث أدت التوترات الحالية إلى ارتفاع الأسعار وتراجع العائدات السياحية بشكل كبير. ومن الواضح أن التحديات الاقتصادية التي تواجه إسرائيل في الوقت الراهن ستستمر في التأثير على استقرارها على المدى الطويل.