وفاة فتح الله كولن.. زعيم العواصف وملهم الانقسامات في تركيا
توفي فتح الله كولن، زعيم جماعة غولن، عن عمر يناهز 83 عامًا في مقر إقامته بولاية بنسلفانيا الأمريكية، وفقًا لما أفادت به صحيفة "ديلي صباح" التركية. وبهذه الوفاة، تتركز الأضواء على مسيرة غولن، التي أثارت جدلاً واسعًا في تركيا وحول العالم، خاصة بسبب الاتهامات التي وُجهت إليه بشأن علاقته بمحاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو 2016.
وُلد كولن في تركيا عام 1941، حيث بدأ حياته المهنية كإمام في جامع (أُوجْ شرفلي) في مدينة أدرنة، قبل أن ينتقل إلى أزمير ويبدأ عمله الدعوي في جامع "كستانه بازاري" ومدرسة لتحفيظ القرآن. عُرف غولن بتوجهاته الصوفية، ويعتبر من أتباع التصوف الذين تأثروا بالفيلسوف بديع الزمان سعيد النورسي، رغم أنه لم يلتقه قط.
نشأة كولن
أسس كولن حركة "خدمة" قبل حوالي 50 عامًا، التي حققت انتشارًا كبيرًا من خلال إنشاء المدارس ودعم وسائل الإعلام، الأمر الذي ساهم في تعزيز وجوده داخل المجتمع التركي. في عام 1999، انتقل غولن للعيش في الولايات المتحدة، حيث أقام في منطقة جبال بوكونو في ولاية بنسلفانيا، وفضل العزلة والابتعاد عن الأضواء، نادرًا ما كان يدلي بتصريحات أو مقابلات.
علاقته مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كانت معقدة. في البداية، كان كولن حليفًا مقربًا لأردوغان، خاصة في السنوات الأولى من حكمه بعد عام 2003. لكن العلاقة تدهورت مع تصاعد القلق من نفوذ حركة غولن، حيث اتهم أردوغان الحركة بأنها تسعى لتأسيس كيان موازٍ للدولة داخل تركيا. وقد أثارت تصريحات غولن في عام 1999 التي دعا فيها أنصاره إلى اختراق المجتمع التركي ومؤسساته مزيدًا من القلق في أوساط الحكومة التركية.
تُتهم السلطات التركية أعضاء منظمة فتح الله كولن بالتسلل إلى قطاعات من القوات المسلحة التركية وتنفيذ محاولة انقلاب في 15 يوليو 2016. أسفرت تلك المحاولة عن مقتل 251 شخصًا وإصابة نحو ألفي شخص آخر، بعد أن اجتاحت دبابات وجنود مدججين بالسلاح الشوارع. ومع ذلك، فشلت المحاولة بعد أن خرجت أعداد كبيرة من الشعب التركي للاحتجاج ضد الانقلاب.
بعد هذه الأحداث، واجهت حركة كولن حملة اعتقالات واسعة، حيث اتخذت السلطات التركية إجراءات صارمة ضد المشتبه في انتمائهم إلى الحركة، مما أدى إلى توتر العلاقات بين الحكومة التركية وغولن المقيم في الولايات المتحدة. وعلى الرغم من نفي غولن المستمر لأي علاقة له بمحاولة الانقلاب، لا تزال الاتهامات تلاحقه، مما يجعل من وفاته حدثًا محوريًا في تاريخ تركيا المعاصر.