انتخابات اليابان.. اختبار سياسي صعب لحكومة إيشيبا الجديدة
في أجواء مليئة بالترقب، بدأ اليابانيون اليوم الأحد في التصويت في انتخابات برلمانية مصيرية، يُعتقد أنها ستكون اختبارًا قويًا لرئيس الوزراء الجديد، شيغيرو إيشيبا. ويرى مراقبون أن هذه الانتخابات قد تشكل فرصة أو تهديدًا لرئيس الوزراء الذي تولى قيادة البلاد مؤخرًا. تشير التوقعات إلى احتمال عدم حصول الحزب الليبرالي الديمقراطي، الحزب الحاكم الذي ينتمي إليه إيشيبا، وشريكه الأصغر في الائتلاف "حزب كوميتو"، على الأغلبية المطلوبة، وهي نتيجة قد تهدد موقف إيشيبا في حزبه.
تسلم إيشيبا منصب رئيس الوزراء قبل أسابيع قليلة فقط بعد فوزه بفارق ضئيل بزعامة الحزب الليبرالي الديمقراطي، الذي حكم اليابان على مدار سبعة عقود تقريبًا. وفي خطوة جريئة، دعا إيشيبا، البالغ من العمر 67 عامًا، إلى انتخابات مبكرة سعيًا لإعادة تأكيد موقعه وتعزيز دعم الجمهور له. ومع ذلك، يبدو أن هناك حالة من الاستياء الشعبي تتصاعد بين الناخبين اليابانيين الذين يواجهون ارتفاعًا في تكاليف المعيشة ويشعرون بخيبة أمل إزاء فضيحة تمويل الحزب التي أضرت بسمعة سلفه، رئيس الوزراء السابق فوميو كيشيدا.
في لقاء حاشد يوم السبت، حاول إيشيبا طمأنة أنصاره وإعادة بناء ثقة الناخبين، قائلاً: "نريد أن نبدأ من جديد كحزب عادل ومنصف وصادق، ونسعى للحصول على تفويضكم". وأضاف رئيس الوزراء الجديد وعدًا بالتركيز على تنشيط المناطق الريفية المتضررة اقتصاديًا ومعالجة مشكلة انخفاض عدد السكان من خلال سياسات موجهة نحو دعم الأسرة، مثل ساعات العمل المرنة والتسهيلات العائلية، في محاولة لتشجيع النمو السكاني وتعزيز الاقتصاد.
لكن على الرغم من هذه الوعود، فإن استطلاعًا للرأي أجرته صحيفة "يوميوري شيمبون" يوم الجمعة كشف عن تحديات كبيرة تواجه الحزب الليبرالي الديمقراطي وحلفاءه في تحقيق الأغلبية البسيطة المطلوبة، وهي 233 مقعدًا من إجمالي مقاعد مجلس النواب، حيث يُعتبر هذا الرقم حدًا أدنى لاستمرار إيشيبا في قيادة الحزب. وقد أعلن إيشيبا بوضوح أن عدم تحقيق هذا الهدف سيؤدي إلى زعزعة موقعه وربما إجباره على الاستقالة، الأمر الذي قد يجعله رئيس الوزراء الأقصر خدمة في تاريخ اليابان الحديث بعد الحرب العالمية الثانية.
وتأتي هذه الانتخابات في وقت يواجه فيه الحزب الليبرالي الديمقراطي منافسة قوية من الحزب الديمقراطي الدستوري بزعامة يوشيهيكو نودا، رئيس الوزراء الأسبق الذي يحظى بشعبية لا بأس بها. وفي خطاب حماسي، انتقد نودا سياسات الحزب الحاكم بشدة، قائلاً: "إن سياسات الحزب الليبرالي الديمقراطي تتركز على خدمة المصالح المالية الكبيرة وتجاهل الفئات الضعيفة"، متهماً الحكومة بإهمال الدعم الكافي للناجين من الزلزال الذي ضرب وسط اليابان.
وفي السياق ذاته، قدم ماساتو كاميكوبو، أستاذ العلوم السياسية بجامعة ريتسوميكان، تحليلًا مفاده أن موقف نودا والمحافظين في الحزب الديمقراطي الدستوري يجذب شريحة من الناخبين الباحثين عن تغيير في الوجوه السياسية، لكنه أكد أن نودا وحزبه ما زالا يمثلان توجهات محافظة تشبه إلى حد كبير تلك التي يتبناها الحزب الليبرالي الديمقراطي، مما يثير التساؤلات حول مدى قدرتهم على تقديم بديل حقيقي.
وفي محاولة منه لاستعادة النزاهة، أعلن إيشيبا أنه لن يدعم أي سياسي في الحزب الليبرالي الديمقراطي يشتبه في تورطه بفضيحة التمويل، على الرغم من بقاء هؤلاء المرشحين في قوائم الانتخابات. وردًا على تقارير إعلامية تفيد بأن الحزب قد قدم دعمًا ماليًا كبيرًا لمكاتب مرشحيه المتورطين، أكد إيشيبا أن هذه المعلومات منحازة وأن تلك الأموال ليست لدعم حملات المرشحين، بل لأهداف تنظيمية بحتة.
ومع اقتراب ساعة الحسم، تبقى عيون اليابانيين على صناديق الاقتراع، منتظرين نتائج انتخابات قد تُغيّر المشهد السياسي للبلاد وتحدد مستقبل حكومة إيشيبا وحدود نفوذ الحزب الليبرالي الديمقراطي، في وقتٍ يبحث فيه الكثيرون عن وجوه جديدة وسياسات تلبي احتياجاتهم اليومية المتزايدة، وسط موجة استياء من الوضع الاقتصادي والسياسي الحالي.