السنغال على أعتاب تحول سياسي.. هل يشهد النظام البرلماني ظهورًا جديدًا في ظل هيمنة سونكو؟
أثارت الانتصارات اللافتة لرئيس الوزراء السنغالي، أوسمان سونكو، في الانتخابات التشريعية الأخيرة جدلاً واسعاً حول المستقبل السياسي للبلاد، ما دفع الخبراء والمراقبين للتساؤل عما إذا كان سونكو سيكون قادرًا على منافسة الرئيس باسيرو ديوماي فاي في قيادة السنغال.
وتناول تقرير لمجلة "جون أفريك" الفرنسية تحقيق ائتلاف سونكو فوزًا غير مسبوق في الانتخابات التشريعية الأخيرة، بحصوله على 130 مقعدًا من أصل 165 في البرلمان، ما أثار أسئلة حول توازن القوى بينه وبين الرئيس فاي الذي انتُخب مؤخرًا. في هذا السياق، طرح التقرير تساؤلاً محوريًا: هل يمكن أن يؤدي هذا التباين في القوة إلى تحول سياسي في السنغال، وتحول البلاد إلى نظام برلماني بديلاً عن النظام شبه الرئاسي الذي تهيمن فيه السلطة التنفيذية للرئيس؟
ويتمتع سونكو بشعبية ضخمة عززتها قيادته لحزب "الوطنيون الأفارقة من أجل العمل والأخلاق والأخوة"، في وقت يبقى الرئيس فاي بعيدًا عن الأضواء على الرغم من فوزه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة. ويرى مراقبون سياسيون أن هيمنة سونكو على المشهد قد تعقّد النظام السياسي التقليدي في السنغال، إذ يعزز سلطته على السلطة التنفيذية بشكل أكبر من الرئيس فاي.
وفيما تزايدت المطالبات من بعض الأوساط السياسية بتغيير دور سونكو في هذا السياق، شدد عليون تين، مدير مركز أفريكاجوم، على ضرورة أن يتولى سونكو رئاسة البرلمان لتحقيق توازن حقيقي بين السلطات. وأكد أن هذه الخطوة ستمكن الهيئة التشريعية من أن تصبح قوة موازية حقيقية للسلطة التنفيذية، وهو ما لم يتحقق من قبل في تاريخ السنغال.
ومن جهته، أيد أستاذ العلوم السياسية، موريس سودييك ديون، هذا الرأي، مؤكدًا أن احتفاظ الرئيس فاي بالسلطة التنفيذية مع تولي سونكو رئاسة البرلمان قد يعزز الاستقرار المؤسسي في البلاد، خصوصًا أن سونكو يعد الشخصية المحورية في نجاح الحزب.
مسيرة سونكو السياسية، التي بدأت في 2017 بعد انتخابه كنائب عن حزبه، شهدت تطورات دراماتيكية، حيث سيطر ائتلافه على مناطق استراتيجية مثل داكار وتييس، بينما فاز هو شخصيًا برئاسة بلدية زيغينشور. وعلى النقيض، كانت مسيرة الرئيس فاي أقل إثارة للجدل، حيث كان شخصية غير معروفة حتى عام 2022، ثم استطاع الفوز في الانتخابات الرئاسية بفضل دعم سونكو وشعار حملته "ديوماي هو سونكو".
ومع ذلك، فإن العلاقة بين سونكو وفاي، على الرغم من تكاملها، تواجه تحديات متزايدة. فقد وصف الخبير القانوني دودو ندوي هذه العلاقة بأنها "حالة غير مسبوقة"، حيث يحقق رئيس الوزراء فعليًا تفوقًا على الرئيس، ما يثير تساؤلات حول تحول النظام السياسي في السنغال نحو البرلمانية. وأكد ندوي أن التوازن بين الزعيمين يعتمد على التعاون المستمر، محذرًا من أن التصعيد بينهما قد يؤدي إلى أزمة دستورية.
في الختام، أشار التقرير إلى أن الأشهر القادمة ستكون حاسمة في تحديد المستقبل السياسي للسنغال، حيث سيستمر مراقبة ديناميكيات العلاقة بين سونكو وفاي، وهل ستظل شراكتهما سارية أم ستشهد البلاد تحولًا حقيقيًا في شكل الحوكمة.