كنوز في الظل. أسرار مديرية المصالح العقارية تحت الحصار الأمني في سوريا
في خطوة لافتة أثارت تساؤلات عديدة، قامت "إدارة العمليات العسكرية" بفرض تعزيزات أمنية مشددة حول مبنى "مديرية المصالح العقارية"، ومنعت الموظفين من الدخول أو ممارسة أعمالهم اليومية، مما أثار حالة من القلق والاستغراب بين المواطنين والمراقبين.
وثائق وخرائط تاريخية ذات أهمية استراتيجية
تأتي هذه الإجراءات في ظل تقارير صحفية تؤكد أن المبنى يحتوي على وثائق وخرائط تاريخية بالغة الأهمية، تعود بعضها إلى ما بعد الاحتلال العثماني، وتحديدًا منذ عام 1920. وتشمل هذه الوثائق خرائط وإحداثيات تتعلق بمواقع أثرية وعسكرية وأمنية في سوريا، ما يجعلها ذات قيمة استراتيجية كبيرة.
اهتمام تركي بالخرائط الأثرية
بحسب مصادر مطلعة، أبدت تركيا اهتمامًا كبيرًا بهذه الوثائق على مدار السنوات الماضية. وأفادت التقارير بأن بعض الموظفين الذين فروا إلى تركيا خلال فترة الحرب حاولوا التواصل مع مسؤولي المديرية، وعرضوا بيع نسخ من هذه الخرائط مقابل مبالغ مالية ضخمة تُقدر بملايين الدولارات.
الكنوز العثمانية المدفونة
هذا الاهتمام بالخرائط يُعيد إلى الأذهان الحديث عن "الكنوز العثمانية" المدفونة في الأراضي السورية، والتي تشير بعض التقديرات إلى وجود نحو 400 صندوق من الذهب موزعة في مواقع سرية.
ذكرت مصادر أن واقعة مشابهة حدثت قبل نحو عشرين عامًا في منطقة الهيجانة بريف دمشق، حيث جرى استخراج 11 صندوقًا من الذهب من الموقع. وبحسب التقارير، تمت العملية على يد مجموعة محسوبة على ذو الهمة شاليش، ابن عمة الرئيس السوري السابق حافظ الأسد، ما زاد من الغموض حول مصير هذه الثروات المدفونة وطريقة إدارتها عبر العقود.
إجراءات هيئة تحرير الشام داخل المديرية
عند وصول هيئة تحرير الشام إلى المبنى، فرضت سيطرة كاملة وأصدرت تعليمات مباشرة للموظفين بمغادرة أماكن عملهم والعودة إلى منازلهم، مع ضمان استمرار صرف رواتبهم. ومع ذلك، لم يتم الإفصاح عن الأسباب الحقيقية وراء هذا الإجراء، مما زاد من حدة التكهنات.
ورغم دعوات الحكومة الانتقالية المتكررة لعودة السوريين إلى أعمالهم واستئناف حياتهم الطبيعية، ظلت المديرية مغلقة تحت حراسة أمنية مشددة، مما أثار قلقًا متزايدًا بين المواطنين السوريين.
قلق من ضياع ملكيات السوريين
تُعرب مصادر مطلعة عن قلقها من إمكانية ضياع أو سرقة الوثائق الحساسة المتعلقة بملكيات السوريين، خاصةً في ظل وجود سوابق فساد في النظام السوري السابق. تشير تقارير عديدة إلى تحويل ملكيات مئات العقارات والمصانع لصالح شخصيات نافذة في النظام، مما يثير المخاوف بشأن احتمال تكرار هذه السيناريوهات في الوقت الحالي.
محاولات تركية مستمرة للحصول على الإحداثيات
تؤكد المصادر أن المحاولات التركية للحصول على الإحداثيات والخرائط لم تتوقف، بل تعددت وسائلها بين محاولات استمالة موظفين سابقين ومساعٍ دبلوماسية وأخرى استخباراتية غير مباشرة.
وتشير التقارير إلى أن الخرائط التي تتضمن مواقع أثرية في الشمال السوري ومناطق أخرى تشكل هدفًا مهمًا لأنقرة، ما يُفسر إصرارها المستمر على محاولة الحصول عليها بأي ثمن.
مخاوف حقيقية على قاعدة البيانات العقارية
في ظل هذه التطورات، يزداد القلق بين المواطنين السوريين من احتمال التلاعب بملفات ملكياتهم العقارية، خاصةً وأن المديرية تحتوي على قاعدة بيانات ضخمة تضم صكوك ملكية مئات الآلاف من العقارات في سوريا.
ويخشى المواطنون من أن تصبح هذه الوثائق الحساسة هدفًا لأي محاولات فساد أو تلاعب، ما قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة على حقوقهم وملكياتهم العقارية.