ضريح سليمان شاه يعود إلى بؤرة التوتر بين تركيا والأكراد في شمال سوريا
يعود ضريح سليمان شاه، جد مؤسس الدولة العثمانية عثمان الأول، ليُشكل مجددًا نقطة توتر بين تركيا والأكراد، في سياق النزاع المستمر شمال سوريا. يُعتبر الضريح رمزًا قوميًّا وثقافيًّا لتركيا، وقد تحول إلى بؤرة خلاف إستراتيجي مع تصاعد الحشود العسكرية التركية وزيادة الخلافات حول مستقبله.
نقل الضريح مرتين لأسباب أمنية
يقع ضريح سليمان شاه في شمال سوريا، وقد تم نقله مرتين لأسباب أمنية:
النقل الأول في عام 1973: تم نقل الضريح من موقعه الأصلي بالقرب من قره قوزاق بسبب بناء سد الفرات وارتفاع منسوب المياه، حيث تم نقله إلى منطقة قريبة بموجب اتفاق بين تركيا وسوريا.
النقل الثاني في عام 2015: مع تصاعد تهديدات تنظيم "داعش"، نفذت تركيا عملية عسكرية باسم "عملية شاه الفرات"، حيث قامت بنقل الرفات إلى قرية أشمة القريبة من الحدود التركية، وسط انتقادات من الأكراد الذين اعتبروا العملية ذريعة لتعزيز الوجود العسكري التركي في المنطقة.
الضريح في قلب الصراع
في ديسمبر 2024، عادت قضية الضريح إلى الواجهة بعد إعلان تركيا نيتها إعادة رفات سليمان شاه إلى موقعه السابق في قره قوزاق. يرى الأكراد أن الخطوة التركية تهدف إلى تعزيز الوجود العسكري في شمال سوريا، لا سيما في المناطق المجاورة لمدينة عين العرب (كوباني) وريف منبج.
الموقف الكردي
قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تسيطر على أجزاء واسعة من شمال شرق سوريا، أبدت استعدادها للتنسيق مع تركيا بشأن الضريح، لكنها رفضت توسيع المساحة المخصصة له. واعتبرت قسد أن المطالب التركية ما هي إلا محاولة لتعزيز النفوذ العسكري في المنطقة تحت غطاء حماية التراث. كما أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن المنطقة تشهد توترًا متصاعدًا بعد فشل الهدنة بين قسد والفصائل المسلحة الموالية لتركيا دون التوصل إلى اتفاق نهائي.
تعزيزات عسكرية وقاعدة جديدة
في الوقت الذي فشلت فيه المفاوضات حول الضريح، أرسلت تركيا تعزيزات عسكرية ضخمة إلى المناطق المحاذية لمدينة كوباني، شملت أسلحة ثقيلة وعربات مصفحة. كما تم رفع حالة التأهب على الحدود. وتشير المعلومات إلى أن تركيا تخطط لبناء قاعدة عسكرية جديدة في سد قره قوزاق، الواقع بين كوباني ومنبج، وهو ما يُعتبر خطوة إستراتيجية قد تُغير خريطة السيطرة العسكرية في المنطقة.
تصعيد متوقع في شمال سوريا
ومع استمرار التوترات العسكرية وفشل الجهود الدبلوماسية، يُتوقع أن تشهد مناطق شمال شرق سوريا، وخاصة كوباني ومنبج، مزيدًا من التصعيد العسكري ما لم يتم التوصل إلى تسوية تضمن وقف التوغل التركي وتحقيق حماية للمصالح الكردية في المنطقة.