خيارات المستقبل في الأزمة الأوكرانية مع بداية 2025.. بين سلام مرير وتصعيد محتمل
مع اقتراب نهاية عام 2024، تلوح في الأفق احتمالات تطورات جديدة في حرب أوكرانيا، حيث يمكن اعتبار العام القادم بمثابة "الفصل قبل الأخير" في مواجهة طويلة الأمد بين روسيا والتكتل الأوروبي الأمريكي. ومع تولي الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترمب، منصبه في يناير 2025، تتعدد السيناريوهات المحتملة بشأن كيفية تعامل الأطراف المتورطة في النزاع مع مستقبله.
الاحتمالات المتوقعة تتراوح بين التوصل إلى سلام "مرا" قد يمنح كييف فترة راحة، أو حتى قد يفتح المجال لحرب جديدة، في وقت لا تبدو فيه فرصة لتجميد الصراع. الحرب التي اندلعت في فبراير 2022، تسببت في تداعيات اقتصادية وعسكرية هائلة، حيث فرضت عقوبات قاسية على روسيا بينما لم تتوقف موسكو عن تعزيز مكاسبها الاستراتيجية.
روسيا، التي حققت تقدمًا ملموسًا على الأرض مع ضمها لأربع مناطق أوكرانية بعد استفتاءات سبتمبر 2022، أظهرت استعدادًا مستمرًا لمواصلة المعركة، رغم التصريحات الغربية المطالبة بوقف إطلاق النار. في المقابل، تواصل كييف تحفيز الغرب لتقديم المزيد من الدعم العسكري، في ظل تخوفها من تلاشي هذا الدعم مع وصول ترمب إلى البيت الأبيض، الذي تعهد سابقًا بإنهاء الحرب "في 24 ساعة"، كما أشار إلى ضرورة إجبار روسيا وأوكرانيا على التفاوض.
وسط هذه التحولات، يثير دعم ترمب لمقترح "تجميد خطوط المعركة" قلقًا واسعًا في الغرب، حيث يرى الأمين العام لحلف "الناتو"، مارك روته، أن التوصل إلى سلام بشروط مريحة لروسيا قد يهدد مصالح الولايات المتحدة وأوروبا على المدى الطويل. ورغم هذا القلق، يواصل التكتل الأوروبي، بقيادة ألمانيا، دعم أوكرانيا بالأسلحة، مؤكدًا أن المعركة لم تنته بعد وأن التفاوض مع روسيا لم يبدأ بعد.
من جانبها، تشدد موسكو على ضرورة أن تعترف أوكرانيا بسيطرة روسيا على الأراضي التي ضمتها، مكررة رفضها لأي نوع من الحلول المؤقتة التي قد تسمح بتمديد الصراع. وفي حين تستمر الاشتباكات اليومية، يبقى المشهد العسكري معقدًا على الأرض، حيث يشير الخبراء إلى أن الأشهر المقبلة ستكون حاسمة في تحديد ملامح الصراع.
أما بالنسبة لأوكرانيا، فإن السيناريو المثالي، وفقًا للخبيرة إيرينا تسوكرمان، هو تحقيق نصر عسكري يؤدي إلى انسحاب القوات الروسية بشكل كامل، إلا أن ذلك يبقى احتمالًا بعيد المنال. ووفقًا للتحليلات، فإن السيناريوهات الأخرى قد تشمل المفاوضات المدعومة من ترمب والتي قد تتطلب تنازلات من كييف، مثل تأجيل الانضمام إلى حلف "الناتو" والاعتراف بالواقع الجغرافي الجديد.
أما بالنسبة لأوروبا، فيبدو أن الدول الأوروبية منقسمة بين مؤيد ومعارض لمقترحات ترمب، حيث ترى بعض الدول أن أي تهدئة قد تكون مفيدة للأمن الأوروبي، في حين تعتبر دول أخرى أن أي تنازل لروسيا قد يعزز من تهديداتها للأمن الأوروبي.
وفي ظل هذه السيناريوهات، يتبقى السؤال الأهم: هل يمكن أن تنتهي الحرب في عام 2025، أم أن المسار سيظل مفتوحًا أمام تصعيد عسكري جديد؟ لا يزال المستقبل غامضًا، وتبقى الحرب في أوكرانيا واحدة من أكبر التحديات التي ستواجه السياسة الدولية في العام الجديد.