اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

تحديات محلية ودولية تلاحق رئيس وزراء كوسوفو بعد فوزه في الانتخابات البرلمانية

كوسوفو
كوسوفو

أظهرت النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية في كوسوفو فوز رئيس الوزراء الحالي ألبين كورتي، حيث حصل حزبه "فيتيفيندوسيه" (تقرير المصير) على نحو 42% من الأصوات. يبرز فوز كورتي تأكيدًا على دعم الناخبين لوعوده بمكافحة الفساد ودمج المناطق ذات الأغلبية الصربية بشكل سريع، وهو نهج أثار قلق الحلفاء الغربيين.

وصرح كورتي بأن فوزه هو "تأكيد على حكومتنا الجيدة والناجحة"، مؤكدًا أن الحكومة ستواصل العمل الذي بدأته.

وفي الوقت نفسه، يواجه كورتي تحديًا يتمثل في ضرورة تشكيل ائتلاف حكومي مع الأحزاب الأخرى لضمان الاستمرار في السلطة. ومن بين الأحزاب الأخرى التي حصلت على نتائج جيدة، حصل "الحزب الديمقراطي" المعارض على 23%، بينما حصلت "الرابطة الديمقراطية" على 18%. ومن المتوقع أن يشكل أي تحالف محتمل مع الحزب الديمقراطي ضغطًا على كورتي للتوصل إلى اتفاق مع صربيا، التي ترفض الاعتراف بسيادة كوسوفو. وفي حال فشل كورتي في تأمين أغلبية برلمانية، فإنه سيكون مضطرًا للبحث عن شركاء ائتلافيين، ما قد يعقد مساعيه في تمديد فترة حكمه التي دامت خمس سنوات.

يمثل فوز كورتي تحولًا في السياسة الداخلية لكوسوفو، حيث أظهرت الانتخابات دعمًا شعبيًا لنهج كورتي المتشدد في التعامل مع قضايا الفساد والعرقية. فقد تجمع العديد من الناخبين خلف موقفه الوطني الذي يضع مصلحة كوسوفو أولاً، بعد عقدين من تقاسم السلطة بين الأحزاب التي قادها زعماء حرب العصابات السابقين، ما أثر سلبًا على الوضع الاقتصادي والسياسي في البلاد.

إلا أن أسلوب كورتي الصارم في القيادة قوبل بانتقادات شديدة من الحلفاء الغربيين، خاصة في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، الذين اتهموه بتأجيج التوترات العرقية وخلق صراع جديد مع صربيا. هذه الانتقادات تزايدت في ظل التصعيد الذي اتخذته حكومته ضد المجتمعات الصربية، حيث أغلق المؤسسات التي يديرها الصرب في كوسوفو، وسعى إلى فرض سيطرة أكبر على المناطق ذات الأغلبية الصربية، بما في ذلك محاولات حظر العملة الصربية.

بالإضافة إلى ذلك، يشكل التحدي الأمريكي الجديد كورتي في ظل عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، حيث تعرضت حكومته لانتقادات من حلفاء ترامب الذين اتهموا كورتي بالتورط في إسقاط حكومته عام 2020. في هذا السياق، يبقى الوضع الدولي محفوفًا بالمخاطر بالنسبة لكوسوفو، خاصة مع استمرار رفض صربيا الاعتراف بسيادة كوسوفو، وهو ما يعقد جهود كورتي لإضفاء الطابع المؤسسي على سيادة كوسوفو وتطبيع علاقاتها الدولية.

إلى جانب ذلك، تحاول الحكومة الكوسوفية، تحت قيادة كورتي، فرض سيطرتها على المجتمعات التي يهيمن عليها الصرب، وذلك من خلال سلسلة من الإجراءات التي تهدف إلى توحيد البلاد داخليًا، ولكن هذا التوجه قد يؤدي إلى زيادة التوترات مع الحلفاء الغربيين الذين يخشون من تفاقم الوضع الأمني والسياسي في المنطقة.

منذ عام 2021، مارس رئيس حكومة كوسوفو، ألبين كورتي، ضغوطاً متزايدة على المجتمع الصربي العرقي في شمال كوسوفو، الذي يُقدّر عدده بحوالى 50 ألف شخص من إجمالي 1.6 مليون نسمة في البلاد، وذلك من أجل فرض سلطة بريشتينا. شملت هذه الضغوط إجراءات قسرية مثل إغلاق البنوك الصربية ومؤسسات الحكم الموازية في المنطقة، فضلاً عن إجبار الصرب على استخدام لوحات ترخيص كوسوفية على سياراتهم.

في إطار سعيه لتعزيز سيادة الدولة على كافة أراضي كوسوفو، رفض كورتي الالتزام باتفاقية أُبرمت مع صربيا في 2013، والتي كانت تتيح للبلديات ذات الأغلبية الصربية في كوسوفو تشكيل جمعيات تعليمية وصحية واقتصادية مستقلة. ورغم المعارضة الداخلية والدولية، دافع كورتي عن هذه السياسات باعتبارها خطوة ضرورية لتعزيز سيادة القانون في كوسوفو.

لكن، على الرغم من هذه المواقف، كان الاتحاد الأوروبي قد علّق بعض المساعدات المالية المقررة لكوسوفو في يونيو 2023، في وقتٍ كانت فيه محادثات انضمام كوسوفو إلى الاتحاد الأوروبي لا تزال متوقفة بسبب عدم اعتراف خمس دول عضو في الاتحاد باستقلالها.

الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أدانا هذه السياسات بشدة، معتبرين أنها تعيق الجهود الرامية إلى تطبيع العلاقات بين كوسوفو وصربيا، وهي خطوة ضرورية لكلا البلدين من أجل الحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي. من جانبه، اتهم الرئيس الصربي، ألكسندر فوسيتش، كورتي بتحفيز العنف بين الألبان والصرب في كوسوفو، مما يزيد من الضغوط على المجتمع الصربي ويؤدي إلى هجرتهم المستمرة من الإقليم.

جدير بالذكر أن كوسوفو كانت قد أعلنت استقلالها عن صربيا في عام 2008، بعد حرب أهلية دموية في تسعينيات القرن الماضي بين الصرب والألبان في يوغوسلافيا السابقة. وفي عام 2021، حقق حزب "تقرير المصير" بقيادة كورتي فوزاً كبيراً في الانتخابات، حيث حصل على 50.3% من الأصوات، ليشكل بذلك أول حكومة مستقرة في بريشتينا منذ إعلان الاستقلال.

موضوعات متعلقة