الانتخابات التشريعية في تشاد.. مقاطعة واسعة وتحديات سياسية وسط هواجس التزوير
تستعد تشاد لإجراء الانتخابات التشريعية والمكاتب الإقليمية والمحلية يوم الأحد المقبل، بعد مرور ثلاث سنوات على بداية التحول السياسي في البلاد. وتشكل هذه الانتخابات مرحلة حاسمة ضمن العملية الانتقالية التي بدأت بعد وفاة الرئيس إدريس ديبي إتنو في أبريل 2021، والتي تلاها تولي نجله محمد إدريس ديبي السلطة من خلال الجيش، ومن ثم فوزه في الانتخابات الرئاسية في مايو 2021، التي اعتبرتها المعارضة “مزورة”.
ويتوقع أن يشارك نحو 8 ملايين ناخب من أصل حوالي 20 مليون نسمة في هذه الانتخابات، لاختيار 188 نائبًا للجمعية الوطنية، وهي الانتخابات البرلمانية الأولى منذ عام 2011. ورغم هذه الأهمية، تواجه الانتخابات تحديات كبيرة تتمثل في مقاطعة واسعة من أحزاب المعارضة التي ترى أن الانتخابات لا تعكس عملية ديمقراطية حقيقية.
تجري الانتخابات في وقت تشهد فيه البلاد تحديات جيوسياسية معقدة، أبرزها انهيار اتفاق التعاون العسكري مع فرنسا، وتهديدات جماعة "بوكو حرام" المتطرفة في منطقة بحيرة تشاد، فضلاً عن التداعيات السلبية للحرب في السودان. وفي ظل هذا الوضع، اعتبر تحالف المعارضة، الذي يشمل مجموعة "المتحولون" بزعامة رئيس الوزراء الانتقالي السابق سوسيس ماسرا، أن الانتخابات تشكل مسعى لإضفاء الشرعية على النظام القائم.
في المقابل، دعا "حزب المتحولون" إلى المقاطعة، متهماً النظام الحالي بتقسيم البلاد على أسس عنصرية من خلال قانون الحدود الانتخابية، معتبرًا أن نتائج الانتخابات قد تم تحديدها مسبقًا لصالح الحكومة. كما أشار إلى أن بعض النواب عرضوا المشاركة في الانتخابات لكن الحزب رفض هذه العروض.
ورغم المقاطعة الواسعة، أدانت حركة الإنقاذ الوطني، التي أسسها الرئيس الراحل ديبي في عام 1990، معارضة الأحزاب وقالت إنهم لا يقدمون نقدًا بناءً، وأنهم ببساطة يريدون لعب دور في مؤسسات الدولة.
وبينما يواجه بعض الأحزاب في المعارضة تحديات كبيرة في إقناع الناخبين بمقاطعة الانتخابات، يأمل حزب التجمع الوطني الديمقراطي، الذي يقوده ألبير باهيمي باداكي، في الحصول على أغلبية برلمانية رغم غياب أحد أبرز أطراف المعارضة. وتؤكد الحركة أنها تسعى إلى إعادة البلاد إلى المسار الديمقراطي، وتأمل أن تساعدها الانتخابات في تحقيق هذا الهدف.
وفي ضوء غياب حيادية العملية الانتخابية، دعا نشطاء المعارضة إلى مراقبة الانتخابات عن كثب، مهددين بتقديم إثباتات للمحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان بهدف إلغاء نتائج الانتخابات إذا تم إثبات حدوث أي تزوير.
كما تعرضت الحملة الانتخابية لانتقادات حادة من قبل وسائل الإعلام الخاصة، التي أبدت استياءها من غياب الدعم المالي الحكومي، بينما كانت الهيئة العليا للإعلام المسموع والمرئي قد تعرضت لانتقادات بسبب تعليق البث التفاعلي خلال هذه الفترة، ما زاد من الجدل الدائر حول نزاهة الانتخابات.
يبدو أن هذه الانتخابات ستكون محورية في تحديد مستقبل البلاد في ظل الظروف السياسية المعقدة والتحديات الداخلية والخارجية، وقد تكون انعكاسًا لمسار الانتقال السياسي الذي بدأ بعد وفاة الرئيس ديبي.