اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارون رئيس التحرير محمود نفادي

المعارضة التشادية تقاطع الانتخابات.. صوت المصداقية يتلاشي في البلاد

المعارضة في تشاد
المعارضة في تشاد

أعلنت أحزاب المعارضة في تشاد رسمياً مقاطعتها للانتخابات التشريعية والمحلية المقررة في 29 ديسمبر المقبل، وذلك قبل أسبوع واحد من بدء فترة تقديم الترشيحات. جاء هذا القرار في اجتماع جمع نحو 15 حزباً سياسياً، حيث اعتبرت هذه الأحزاب أن شروط المشاركة في الانتخابات غير متوفرة.

وقد طالبت الأحزاب المعارضة بإعادة النظر في الملف الانتخابي وتقسيم الدوائر الانتخابية، إلى جانب ضمان انتخابات شفافة وتحقيق توافق بين الفاعلين السياسيين. ورغم هذه المطالب، أكدت الأحزاب أنها لم تُستجب لمطالبها، مما دفعها إلى إعلان عدم قدرتها على المشاركة في الانتخابات.

وفي هذا السياق، صرح محمد زين شريف، رئيس حزب "تشاد متحد"، قائلاً: "لقد قررنا عدم دعم هذه الانتخابات. هذه هي الديمقراطية، ويمكن للحكومة الذهاب إلى هذا الاستحقاق بمفردها مع حلفائها." وأضاف شريف: "لا يمكننا، كمعارضة سياسية، أن نضفي مصداقية على انتخابات تفتقر إلى الشفافية. إنها مسؤوليتنا تجاه نشطائنا والمواطنين التشاديين."

من جانبه، علق أفوكسوما دجونا أتشينيمو، زعيم الحزب الديمقراطي، بالقول: "هذه الانتخابات أمر مفروغ منه"، مشيراً إلى أنه يعتزم منع إجرائها. وأضاف: "يجب على السلطات أن تدرك أننا لسنا مواطنين من الدرجة الثانية. إذا ذهبنا إلى هذه الانتخابات، فلن يكون للأجيال القادمة أي رأي خلال الثلاثين أو الأربعين عاماً المقبلة."

وفي ظل هذا التصعيد من قبل المعارضة، تستعد الأحزاب المؤيدة للرئيس محمد إدريس ديبي لتقديم ملفات ترشحها للانتخابات التشريعية، مع مطالبة أنصار المرشح الرئاسي ورئيس الحكومة السابق، سوكسيه ماسرا، "باحترام شروط معينة من أجل الذهاب إلى صناديق الاقتراع."


تشاد بين ضغوط الحلفاء التقليديين والتحولات الجيوسياسية

تشهد تشاد في الآونة الأخيرة حالة من التردد في توجهاتها الخارجية، حيث تتأرجح بين إرضاء الحلفاء الغربيين وتعزيز التعاون مع روسيا. ومع ذلك، يبدو أن الحكومة التشادية برئاسة محمد إدريس ديبي قد اختارت العودة إلى "حضن" الحلفاء التقليديين، متجاوبةً مع الضغوط الفرنسية.

وفي إطار هذه الديناميات، سيشارك الرئيس ديبي في قمة المنظمة الدولية للفرنكوفونية في باريس يومي 4 و5 أكتوبر، رغم أنه كان يعتزم في البداية إرسال رئيس الوزراء ألماي هالينا. تأتي هذه الزيارة بعد فترة من التوترات الدبلوماسية بين باريس ونجامينا، حيث تسعى تشاد إلى الحفاظ على علاقات متوازنة مع شركائها دون قطع العلاقات الدبلوماسية بشكل كامل، كما فعلت بعض الدول الأخرى.

عقب التقارب مع روسيا، تصاعدت الأوضاع بعد اعتقال ثلاثة مواطنين روس لدى وصولهم إلى نجامينا. هؤلاء الأشخاص، الذين لهم صلات بمجموعة "فاغنر" الروسية، تم احتجازهم بتهمة التجسس. ورغم إعلان السفير التشادي لدى موسكو عن قرب الإفراج عن المعتقلين، يرى مراقبون أن ذلك يتناقض مع الجهود السابقة للتقارب بين الجانبين.

وفي سياق متصل، تتباين المعلومات حول إمكانية إعادة نشر القوات الأمريكية في تشاد، خاصة بعد الأحداث الأخيرة في النيجر. الجنرال كينيث إيكمان من القيادة الأمريكية في أفريقيا أعلن عن احتمال عودة الجنود الأمريكيين، لكن الحكومة التشادية سارعت إلى نفي ذلك، مؤكدةً سيادتها في اتخاذ القرارات المتعلقة بالأمن الوطني.

المحلل النيجري تيام صاولي وصف هذا الوضع بـ"الارتباك"، مشيرًا إلى تأثير التحقيقات الفرنسية حول مكاسب ديبي وعائلته غير المشروعة. ويرى صاولي أن هذه المعطيات أسهمت في عودة تشاد إلى علاقاتها التقليدية مع فرنسا، بعد أن كانت قد لوحت بتعزيز التعاون مع روسيا.

وفي الوقت الذي تسعى فيه تشاد لتنويع علاقاتها الدولية، يظل من الصعب عليها قطع العلاقات مع فرنسا بشكل نهائي، نظرًا للارتباطات الدفاعية والاقتصادية والثقافية القائمة.

فيما يتعلق بالمشاركة في الصراع الإقليمي، أثار الناشط الكاميروني تشارلي كينجني التقارير حول وصول متدربين عسكريين أوكرانيين إلى تشاد، حيث يتلقون التدريب على استخدام الطائرات بدون طيار. وهو ما يعكس انخراط الحكومة التشادية في صراعات متعددة الأطراف، متزامنًا مع مزاعم عن دعم فرنسي لمجموعات متمردة في المنطقة.

رغم كل هذه التعقيدات، يؤكد رئيس الوزراء التشادي هالينا على أهمية الشراكات مع روسيا والولايات المتحدة وفرنسا لمكافحة الإرهاب والتهديدات الأمنية. ويختتم بالقول إن تشاد حرة في تطوير علاقاتها بما يخدم مصالحها، في ظل بيئة تتسم بعدم الاستقرار والصراعات المسلحة.

تتجه الأنظار إلى تشاد في الفترة القادمة، حيث ستتحدد ملامح سياستها الخارجية ومدى قدرتها على المناورة بين القوى الكبرى في عالم مليء بالتحديات.

موضوعات متعلقة