كيف تجاوزت إدارة ترامب قانون الأعداء الأجانب لطرد ”الأوغاد”؟

في خطوة أثارت جدلًا واسعًا، قررت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ترحيل مجموعة من الفنزويليين إلى السلفادور، متهمة إياهم بالانتماء إلى عصابة "ترين دي أراجوا" الإجرامية. استند القرار إلى قانون الأعداء الأجانب لعام 1798، وهو قانون قديم يمنح الرئيس سلطة ترحيل غير المواطنين في أوقات الحرب دون الحاجة إلى جلسات استماع قضائية.
لكن هذا القرار لم يمر دون معارضة قانونية، إذ أصدر قاضٍ فيدرالي في واشنطن أمرًا بوقف عمليات الترحيل، بحجة عدم قانونية استخدام هذا التشريع في الظروف الحالية. ومع ذلك، استمرت الإدارة الأمريكية في تنفيذ العملية، بحجة أن الطائرات التي تقل المرحلين كانت قد غادرت الأجواء الأمريكية بالفعل قبل صدور القرار القضائي، مما يجعل الأمر غير ملزم قانونيًا.
إدارة ترامب وصفت الترحيل بأنه "إجراء أمني ضروري"، مشددة على أن المرحلين ينتمون إلى عصابة إجرامية مسؤولة عن أعمال عنف وجرائم منظمة، مثل الخطف والابتزاز والقتل المأجور. وصرّح مسؤول كبير في البيت الأبيض قائلًا:
"إنها عملية نظيفة للغاية، لديك أعضاء عصابة فنزويليون، هؤلاء هم الأشرار، كما يقول الرئيس".
في المقابل، انتقد معارضو القرار ما وصفوه "بتجاهل صارخ لأوامر القضاء"، مما أثار قلقًا واسعًا بشأن تجاوز السلطة التنفيذية لحدودها القانونية. المحامي مارك زيد، المتخصص في قضايا الأمن القومي، وصف الأمر بأنه "بداية أزمة دستورية حقيقية"، فيما أكد اتحاد الحريات المدنية الأمريكي أن القرار قد يكون سابقة خطيرة في استخدام السلطة الرئاسية.
سباق مع الزمن
بحسب موقع أكسيوس، بدأت التحضيرات سرًّا ليلة الجمعة، عندما وقّع ترامب على الأمر التنفيذي دون الإعلان عنه. في صباح السبت، تم تسريب معلومات عن العملية، مما دفع الإدارة إلى الإسراع بإقلاع الطائرتين اللتين كانتا تقلان نحو 250 مهاجرًا متهمين بالانتماء إلى العصابة الفنزويلية.
في الساعة 2:31 مساءً، كشف ناشط في مجال الهجرة على منصة X عن رحلتين غير عاديتين تغادران من تكساس إلى السلفادور. لاحقًا، أصدر القاضي الفيدرالي جيمس بواسبيرج قرارًا يلزم بإعادة الطائرات فورًا إلى الولايات المتحدة، لكن في تلك اللحظة كانت الطائرتان فوق المياه الدولية، قرب شبه جزيرة يوكاتان، مما منح الإدارة الأمريكية فرصة للاستمرار في تنفيذ القرار.
مسؤولون في البيت الأبيض ناقشوا مدى قانونية تنفيذ الترحيل رغم أمر القاضي، لكن بناءً على مشورة المستشارين القانونيين، قررت الإدارة المضي قدمًا في العملية، حيث صرح أحد المسؤولين:
"كانوا بالفعل خارج المجال الجوي الأمريكي. نعتقد أن الأمر القضائي لا يسري عليهم".
التعاون مع السلفادور: صفقة أمنية أم انتهاك حقوقي؟
لعبت السلفادور دورًا محوريًا في تنفيذ العملية، حيث استقبلت المرحلين في مركز احتجاز الإرهابيين، وهو سجن شديد الحراسة يتسع لـ40 ألف سجين. وأعلن الرئيس نجيب بوكيلة عن استقبال 238 عضوًا من العصابة الفنزويلية، مؤكدًا أنهم سيبقون لمدة عام على الأقل، مع إمكانية التمديد.
وقد كشفت وكالة أسوشيتد برس أن الولايات المتحدة وافقت على دفع 6 ملايين دولار للسلفادور مقابل إيواء المهاجرين المرحلين، بمعدل 20 ألف دولار لكل سجين لمدة عام. كما أشارت تقارير إلى أن إدارة ترامب ناقشت تخصيص 15 مليون دولار إضافية لاستقبال المزيد من المرحلين، في صفقة تعكس تقاطع المصالح الأمنية والسياسية بين البلدين.
ترحيب ترامب والإدارة الأمريكية
أشادت كارولين ليفيت، السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، بالقرار قائلة:
"إذا أراد الديمقراطيون أن يجادلوا لصالح إعادة طائرة مليئة بالمغتصبين والقتلة ورجال العصابات إلى الولايات المتحدة، فهذه معركة يسعدنا خوضها".
انتقاد المعارضة والقضاء
القاضي بواسبيرج اعتبر أن قرار الترحيل يتجاوز السلطات القانونية للرئيس.
الحكومة الفنزويلية أدانت العملية، ووصفتها بأنها "انتهاك صارخ لحقوق المهاجرين"، ورفضت استخدام قانون قديم لترحيل مواطنيها.
تداعيات مستقبلية: هل تصبح الترحيلات أداة سياسية؟
أثار استخدام قانون الأعداء الأجانب قلقًا واسعًا حول إمكانية توظيفه مستقبلًا ضد فئات أخرى من المهاجرين، خصوصًا في ظل تصاعد الخطاب المتشدد بشأن الهجرة والجريمة في الولايات المتحدة. ورغم استئناف إدارة ترامب للقرار القضائي، تبقى الأسئلة قائمة حول ما إذا كان البيت الأبيض قد تجاوز الخطوط الدستورية أم لا.