اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارون رئيس التحرير محمود نفادي
كيف نميز بين وسوسة الشيطان ودعوة النفس؟.. الدكتور علي جمعة يوضح مفتي الديار المصرية: تجديد الخطاب الديني هدفه استيعاب الواقع المتجدد برؤية حكيمة مدير الجامع الأزهر: الإسلام يدعو إلى الأمن والأمان والتمسك بالأحكام لتحقيق سعادة البشرية مفتي الديار المصرية لوفد برنامج الأغذية العالمي: مستعدون للتعاون في كل ما ينفع البشرية أمين ”البحوث الإسلامية”: الشريعة حرصت على البناء المثالي للأسرة بأسس اجتماعية سليمة بالقرآن والسنة.. الدكتور علي جمعة يكشف حكم زواج المسلمة من غير المسلم أمين مساعد البحوث الإسلامية: التدين ليس عبادة بالمساجد بل إصلاح وعمارة الكون الأوقاف المصرية: إيفاد سبعة أئمة إلى “تنزانيا والسنغال والبرازيل” «الإسلام وعصمة الدماء».. الجامع الأزهر يحذر من استباحة دماء المسلمين الأوقاف المصرية تعلن موضوع خطبة الجمعة القادمة.. ”أَنْتَ عِنْدَ اللهِ غَالٍ” حكم عسكري في غزة.. بين استراتيجيات الماضي ومخاطر المستقبل هل تصب تهديدات بوتين النووية في مصلحة ترامب؟

كيف أثرت الهجرة في انتشار الإسلام بأفريقيا ؟

تأثير الهجرة في انتشار الإسلام بأفريقيا
تأثير الهجرة في انتشار الإسلام بأفريقيا

تعد الهجرة من الظواهر الاجتماعية والثقافية الهامة التي شهدتها البشرية عبر التاريخ، ولها تأثير كبير على تشكيل الحضارات والأديان، حيث يعتبر الإسلام أحد الديانات التي انتشرت في أفريقيا جزءًا كبيرًا من هذه الهجرات، وقد لعبت الهجرة دورًا مهمًا في انتشارها وتأثيرها على الثقافة والمجتمعات الإفريقية.

توضح الدراسات حول تأثير الهجرة في انتشار الإسلام في أفريقيا أن هذه الظاهرة لعبت دورًا حاسمًا في تشكيل الهوية الإسلامية للقارة، وأن الهجرة كانت ليست مجرد تحرك سكاني بل كانت وسيلة لنقل العقائد والقيم والثقافة الإسلامية إلى أرجاء أفريقيا المختلفة.

ومن الطبيعي أن يكون تأثير وصول الوجبة الثانية من المهاجرين للحبشة (بعد ثلاثة أشهر من الهجرة الأولى) أكبر وأوسع؛ وذلك لأن أعدادهم كانت أكبر، فقد وصل عدد المهاجرين إلى ثلاثة وثمانين رجلًا مع أبنائهم ونسائهم، وأسهمت تلك الهجرة بشكل مباشر في نقل الإسلام ومؤثراته إلى المنطقة من خلال اختلاط المهاجرين من الصحابة مع سكان البلاد الأصليين، لتظهر بمرور الزمن أجيال جديدة من أحفاد أولئك المهاجرين في الحبشة، محتفظة بخصائص أجدادهم العربية الإسلامية من أخلاق وقيم وتقاليد ملازمة لهم في بيئتهم الأصلية، وأسهم ذلك في نقلها للسكان الأفارقة، والامتزاج معهم، ليظهر عنصر جديد يحمل صفات مشتركة من التقاليد السودانية القديمة، والأخلاق الإسلامية القائمة على أسلوب التسامح مع السكان، واتباع التدرج في إلغاء التقاليد الوثنية، مع إبقاء بعض العادات القديمة التي لا تمس جوهر الإسلام، والتدرج في القضاء عليها.


وقد أسفرت تلك الهجرات إلى الحبشة وبمرور الزمن عن نشوء ممالك إسلامية عديدة، كان من بينها مملكة أوفات التي تأسست على يد بعض أولاد عقيل بن أبي طالب رضي الله عنه، والذين عُرفوا بالجبرتية نسبةً لمنطقة جبروت التابعة إلى أرض الزيلع، وعرفوا بالخير والصلاح، كما وصلت هجرة أخرى بقيادة ود بن هشام المخزومي لتستقر في منطقة شرق شوا، للعمل في التجارة، ثم كوَّنوا لهم نفوذًا سياسيًّا متمثلًا بمملكة شوا الإسلامية في المدة من عام 283هـ/ 896م، وقد استمرت حتى عام 688هـ/ 1289م؛ إذ سقطت على يد مملكة أوفات الإسلامية.

لقد كان أولئك المهاجرون من فئات اجتماعية مختلفة فتعددت مهنهم وحرفهم؛ فمنهم الفلاحون والتجار من مدينة حضر موت وعمان والحجاز، وقد دفعهم هذا التفاوت في المهن للوصول إلى أرجاء بلاد السودان المختلفة، فتركز التجار على الساحل، وأوجدوا لهم نقاط اتصال بالداخل؛ حيث الأسواق الإفريقية في حين اتجه الفلاحون إلى مناطق الخصب والمطر شمال هضبة الحبشة ووسطها، وذهب الرعاة إلى سفوح الهضبة الشمالية وإلى مناطق الرعي الأخرى.


وكان لاستقرار أولئك المهاجرين في بلاد الحبشة، وتعايشهم السلمي أثر كبير في قيام علاقات قوية بينهم وبين السكان الأفارقة، وقد بُنيت تلك العلاقة على أساس المودة والصداقة، كما وجد الأفارقة في العرب القادمين نوعًا من الحماية، فتقربوا منهم واندمجوا بهم وصاهروهم؛ مما أسفر عن ولادة جيل جديد يربط بين الطرفين.

وقد نتج عن ذلك الاندماج في البداية تعلم كل فئة للغة الأخرى، وكان لهجرة العديد من القبائل العربية بعد الفتح العربي لمصر سنة 20هـ/ 640م ولأسباب مختلفة - كقبيلتي بلي وجهينة - وكذلك وصول مجموعات من هوازن إلى المنطقة والذين عرفوا باسم الحالنقا - أثر واضح في ذلك التعلم، ومن ثَمَّ انتقال المؤثرات الاجتماعية إلى السكان الأفارقة.

كما أسهمت الهجرات التي قامت على أساس البحث عن الذهب وبقية المعادن في تطوير تلك العلاقات، وكان لوصول مجموعات من قبيلة ربيعة إلى وادي العلاقي برفقة العمري، للعمل في استخراج المعادن الثمينة دافعًا لانتقال عاداتهم وتقاليدهم إلى السكان الأفارقة ، الموجودين في بلاد البجة، ثم انتقل أولئك العرب المستخرجون للذهب والزمرد من وادي العلاقي، إلى وسط وغرب السودان لتنتقل معهم الرغبة في نشر الإسلام.

كما وصلت مع العمري إلى بلاد البجة جماعات من قيس عيلان، وكـذلك من سعد العشيرة، كما كان أسلاف عرب سواكن من مدينة حضرموت، وكانوا ينسبون إلى هذه المدينة فيسمون الحضارمة، أو الحداربة وقد استفادوا من خبرات العرب المهاجرين قبلهم؛ إذ نقلوا صورًا من الحضارة العربية إلى أولئك الأفارقة، كإنشاء المنازل، ثم المدن، كما أخذوا عنهم الكثير من وسائل عيشهم ونماذج حياتهم، وقد كانت العلاقات بين العرب والساحل الشرقي قديمة جدًّا تعود إلى قبل الإسلام، ثم تطورت بعد الإسلام من خلال وصول التجار والفلاحين والبنائين، فيُذكر أن الخليفة عبدالملك بن مروان (26-86هـ/ 646-705م) كان قد أرسل إلى مُدن الساحل الشرقي عددًا من البنائين ليساهموا في بنائها، ونقل العمارة الإسلامية إليها، وكان عهده قد شهد وصول العديد من المهاجرين ومشاركتهم في بناء العديد من المدن على الساحل كمدن مالندة، وممبسة، ولامو، وكلوة، وبات.

موضوعات متعلقة