اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارون مدير التحرير التنفيذي محمد سلامة
التهويد والهدم.. سياسة الاحتلال لتغيير ملامح القدس والضفة الغربية غارة إسرائيلية في بيروت.. هل نجحت في القضاء على أحد أبرز قادة حزب الله؟ الأمين العام للشئون الإسلامية: الأسرة هي الركيزة الأساسية لبناء مجتمع قوي مستقر القوى المدنية السودانية تتحدى الفيتو الروسي.. خطوات جديدة لوقف الحرب وحماية المدنيين أوروبا على مفترق طرق.. تحديات الأزمات العالمية وتأثيراتها على استقرار القارة ابتزاز البحر الأحمر.. الحوثيون يفرضون رسوماً غير قانونية على الملاحة الدولية مالى تدخل مرحلة جديدة.. تغييرات حكومية جذرية لمواجهة الأزمات الداخلية والتحديات الاقتصادية فيتو روسيا في مجلس الأمن.. لعبة السيادة والنفوذ على حساب أرواح السودانيين السديس: وسائل التواصل أفسدت العلاقات بين الناس صراع سياسي وقانوني.. مذكرات اعتقال الجنائية الدولية تضع إسرائيل أمام مفترق طرق استفتاء الرئاسي في ليبيا.. خطوة نحو الحل أم فتيل إشعال الأزمة؟ لبنان في الذكرى الـ81 لاستقلاله.. بين مرارة الحرب وأمل الولادة الجديدة

أزمة سياسية بين بنين والنيجر.. تداعيات وتطورات

أزمة سياسية بين بنين والنيجر
أزمة سياسية بين بنين والنيجر

في سياق إقليمي معقد يشهده جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا، وفي ظل تصاعد صراع القوى العالمية على هذه القارة، ظهرت أزمة سياسية بين جمهوريتي بنين والنيجر، مدفوعة بالاهتمامات الأمنية والاستقرارية، وتحولات الولاء والمعارضة للإمبريالية.


الدولتان تشتركان في العديد من الجوانب، بدءًا من الحدود والجغرافيا وصولاً إلى التحديات المشتركة مثل الإرهاب والفقر وضعف التنمية. كما أنهما يتقاسمان تأثير تاريخ الاستعمار الفرنسي، الذي ترك وراءه آثاراً بارزة مثل سيطرة الشركات الفرنسية على الاقتصاد وتغييرات في المؤسسات الثقافية التي أثرت على هوية المجتمعات وثقافاتها.

الخلاف بين الجارتين لا يقتصر على اختلاف في المواقف والتصورات فحسب، بل يمكن أن يؤدي إلى أزمة اقتصادية قد تزيد من تعقيد مشكلات الفقر المتعددة الأبعاد. هذه الأزمة قد تعوق تحقيق آمال النهوض الاقتصادي المتوقعة، خاصة مع الاكتشافات النفطية التي شهدتها النيجر خلال السنوات العشر الماضية.


وبفعل جغرافية الصحراء التي جعلت من النيجر دولة حبيسة لا ساحل لها، اعتمدت نيامي على ميناء كوتونو، وظل يشكل أهم منافذها البحرية، إذ تبلغ نسبة اعتمادها عليه في الإيراد والتصدير 69%، في حين تستورد نسبة 13% من حاجياتها من ميناء لومي و8% من ميناء غانا، و7% من ميناء كوت ديفوار.

وفي المقابل، تجني بنين أرباحا كبيرة من الضرائب على البضائع التي تمر عن طريق مينائها نحو نيامي، وتعمل كثير من الشركات المسجلة في بنين على تصدير السلع والمنتجات الغذائية نحو جارتها الشمالية.

وفي عام 2011 دخلت النيجر نادي الدول المنتجة للنفط بنسبة لا تتجاوز 20 ألف برميل يوميا، لكنها أبرمت اتفاقيات مع الشركة الصينية للبترول لاستغلال حقل "أغاديم" عام 2018 واختارت دولة بنين لتصدر عن طريق مينائها إلى السوق الدولية.

وفي عام 2019 بدأت نيامي بالتعاون مع الصين في العمل على إنشاء خط أنابيب بطول ألفي كيلومتر لنقل النفط من حقل "أغاديم" إلى ميناء سيمي في بنين وهو أكبر مشروع اقتصادي تعرفه البلاد منذ استقلالها عن باريس عام 1960.

وكان من المقرر أن يبدأ تصديره بوتيرة منتظمة في النصف الأول من العام الجاري، لكن الخلافات السياسية بين بورتو نوفو ونيامي ألقت بظلالها على المشهد الاقتصادي فأبقت النيجر حدودها مغلقة أمام التجارة القادمة من كوتونو، وأوقفت بنين تصدير النفط القادم من حقل "أغاديم".

منذ استقلال النيجر عن فرنسا عام 1960 ارتبطت بعلاقات وثيقة مع بنين أملتها ضرورات الجوار والتداخلات المجتمعية، ومتطلبات التكامل الاقتصادي.

وبعد انقلاب 26 يوليو 2023 في النيجر بادرت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) بفرض عقوبات اقتصادية على نيامي للضغط على المجلس العسكري، وكانت بنين إحدى الدول التي ساندت قرار العقوبات والتدخل العسكري لاستعادة الحكم المدني وإبعاد العسكر عن المشهد السياسي.

واعتبر قادة الانقلاب أن مسايرة بنين لقرارات الكتلة الأفريقية خارج عن المألوف، ويناقض حسن الجوار والعلاقات التاريخية، ورأوا فيه إضرارا بشعب النيجر.

وفي سبتمبر 2023 أعلن المجلس العسكري في نيامي تعليق الاتفاقيات العسكرية مع بنين، والتي كانت تتعلق بمحاربة الإرهاب وتأمين الحدود والتنسيق وتبادل المعلومات، وعلل الانقلابيون قرارهم بأن بورتو نوفو أصبحت مركزا لوُجود القواعد العسكرية الفرنسية، ومأوى للحركات الإرهابية.

وعندما أعلنت إيكواس رفع عقوباتها واعترفت بالمجلس العسكري، أصدر الرئيس البنيني باتريس تالون مرسوما في فبراير/شباط 2024 يقضي بفتح الحدود واستعادة العلاقات مع الجارة الشمالية، بيد أن الحكومة في نيامي تحفظت على ذلك، واختارت الاستمرار في إغلاق الحدود.

وردا على قرار نيامي بإبقاء الحدود مغلقة في وجه البضائع القادمة من كوتونو، أمرت السلطات في بنين باعتراض تصدير شحنات النفط القادم من حقل "أغادم" عبر مينائها.

وتعول النيجر على تصدير البترول في دعم موازنتها العامة، حيث من المقرر أن تنتج هذا العام 90 ألف برميل يوميا ليصل الإنتاج لاحقا إلى 110 آلاف برميل.

وفي مايو الجاري قامت الصين بوساطة لتجاوز الأزمة التي تضر بالمصالح المشتركة، وسمحت حكومة بنين بتصدير النفط مؤقتا عبر مينائها، على أن تفتح الحدود لاحقا ويتم تطبيع العلاقات بين البلدين.

وترتبط الصين بعلاقات اقتصادية متنوعة مع النيجر، وتتولى استغلال أكبر الحقول النفطية فيها، وقبل الانقلاب كانت استثماراتها في المرتبة الثانية بعد فرنسا، وفي عام 2022 بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين ما يربو على 900 مليون دولار.

ورغم الجهود التي بذلتها الصين، فإن السلطات السياسية في بورتو نوفو قالت إن السماح بتصدير الشحنات البترولية القادمة من النيجر إجراء مؤقت هدفه إظهار النوايا الحسنة تجاه جارتها الحبيسة، ولن يكون دائما إلا إذا رجعت العلاقات إلى سالف عهدها.

موضوعات متعلقة