الساحل الإفريقي في خطر.. تصاعد استخدام الطائرات المسيرة يهدد استقرار المنطقة
تتزايد المخاوف في منطقة الساحل الإفريقي من الاستخدام المتزايد للطائرات المسيرة من قبل الحكومات والأنظمة العسكرية لمكافحة الجماعات المسلحة المنتشرة في المنطقة. فقد أشار تقرير لصحيفة "لوموند" الفرنسية إلى أن هذه الأنظمة، وخاصة في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، قد عززت قدراتها الجوية باستخدام الطائرات المسيرة، بدعم من شركائها الإقليميين والدوليين مثل تركيا وروسيا. كما كشف التقرير عن وجود قواعد جوية سرية تحتفظ بها هذه الأنظمة، بما في ذلك قاعدة في العاصمة البوركينية واغادوغو، التي تضم طائرات مسيرة من نوع "بيرقدار" التركية، وهو ما يعكس تحولًا استراتيجيًا في أساليب هذه الدول في مواجهة التهديدات الأمنية.
التوجه الاستراتيجي والاستخدام المتزايد للطائرات المسيرة
رغم أن السلطات الانتقالية في مالي وبوركينا فاسو والنيجر لم تصدر تصريحات رسمية بشأن هذه التقارير، فإن المخاوف من استخدام الطائرات المسيرة ازدادت بشكل كبير بعد سلسلة من الضربات الجوية التي أسفرت عن مئات الضحايا من المدنيين. هذا التوجه يعكس سعي الأنظمة العسكرية في المنطقة لتعزيز قدراتها العسكرية باستخدام الطائرات المسيرة التي تعد أقل تكلفة مقارنة بالطائرات المقاتلة التقليدية، كما توفر القدرة على توجيه ضربات دقيقة دون تعريض حياة الطيارين للخطر.
في هذا السياق، أشار الخبير العسكري في الشؤون الإفريقية، عمرو ديالو، في تصريحات خاصة صحفية ، إلى أن "تكلفة الطائرات المسيرة أقل بكثير من الطائرات المقاتلة، وحتى إذا تم إسقاطها، فإن الخسائر البشرية تكون أقل بكثير". وأضاف ديالو أن هذه الطائرات أصبحت جزءًا أساسيًا من استراتيجيات الأنظمة العسكرية في الساحل الإفريقي، حيث عقدت مالي صفقات مع تركيا وروسيا لاقتناء طائرات مسيرة متطورة، ما يعكس تحولًا في التكتيك العسكري لهذه الدول.
التهديدات والآثار السلبية المحتملة
على الرغم من الفوائد العسكرية للطائرات المسيرة، يعرب العديد من الخبراء عن قلقهم من أن تقع هذه الطائرات في أيدي الجماعات المسلحة إذا تم إسقاطها أو تدميرها خلال العمليات العسكرية. وأكد ديالو أن "الجماعات المسلحة في المنطقة قد تتمكن من الاستيلاء على الطائرات المسيرة، وإذا وقع ذلك، فإنها قد تستخدمها بشكل عشوائي، مما يزيد من تعقيد الوضع الأمني ويؤدي إلى نتائج كارثية".
تعتبر الطائرات المسيرة أدوات فعالة لضرب الأهداف العسكرية بدقة، إلا أنه في حال وقعت في أيدي الأطراف غير المدربة، قد يتسبب ذلك في تصعيد غير مرغوب فيه أو استهداف مدنيين، مما يزيد من معاناة السكان المدنيين في منطقة تعاني أصلاً من أزمات أمنية وسياسية واقتصادية.
التعاون العسكري الإقليمي وتأثيره على الوضع
في الوقت ذاته، شهدت منطقة الساحل الإفريقي تطورًا في العلاقات العسكرية بين مالي وبوركينا فاسو والنيجر، حيث انسحبت هذه الدول من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) العام الماضي وأعلنت عن تشكيل "كونفدرالية الساحل الجديد". هذه الخطوة تشير إلى تحولات جذرية في الاستراتيجيات العسكرية والسياسية لهذه الدول، حيث أبرمت اتفاقات لتعزيز التعاون العسكري في مجالات متعددة.
في تصريحات للمحلل السياسي المالي، قاسم كايتا، أكد أن الطائرات المسيرة تعد جزءًا من مجموعة متكاملة من الأسلحة التي تعتمد عليها الجيوش في هذه الدول. وأضاف كايتا أن "الاعتماد على الطائرات المقاتلة والمروحيات لا يزال قائمًا، حيث من غير الممكن الاعتماد فقط على الطائرات المسيرة"، ولكنه أكد في الوقت نفسه أن الطائرات المسيرة تعد أداة فعالة في العمليات العسكرية الدقيقة ضد الجماعات المسلحة.
مستقبل الأوضاع في الساحل الإفريقي
تبقى المخاوف قائمة بشأن تأثير استخدام الطائرات المسيرة على الوضع الأمني في الساحل الإفريقي، خاصة في ظل تزايد حالة الفوضى الأمنية والجماعات المسلحة المنتشرة في المنطقة. ومع تزايد قدرة هذه الأنظمة العسكرية على استخدام تقنيات متقدمة مثل الطائرات المسيرة، يبقى التحدي الأكبر هو كيفية منع هذه الطائرات من الوقوع في أيدي الجماعات المسلحة وضمان أن استخدامها لا يؤدي إلى تصعيد العنف ودمار أكبر في المنطقة.
إذا استمرت هذه الأنظمة في تعزيز استخدام الطائرات المسيرة، فإن أجواء الساحل الإفريقي قد تتحول إلى ساحة اختبار جديدة لهذه التقنيات المتطورة، مما يزيد من القلق بشأن تأثيراتها الأمنية والإنسانية على المنطقة.