جنوب أفريقيا في مرمى الدبلوماسية المغربية.. خيبة أمل وتحوّل في المواقف
أفاد معهد جنوب أفريقي بأن المسؤولين في بريتوريا يعيشون خيبة أمل كبيرة نتيجة نجاح الدبلوماسية المغربية في كسب اعتراف العديد من الدول، وعلى رأسها الولايات المتحدة، بمغربية الصحراء وبواقعية مبادرة الحكم الذاتي.
يُظهر هذا التطور بداية اعتراف من المؤسسات الاستراتيجية في جنوب أفريقيا بضرورة إعادة النظر في النهج السابق تجاه الملف.
تُعد جنوب أفريقيا من أبرز الدول الداعمة لجبهة البوليساريو، إلى جانب الجزائر، لكن "معهد الدراسات الأمنية" الجنوب أفريقي أشار إلى أن المسؤولين في البلاد بدأوا يلاحظون تآكل الدعم للجبهة في مقابل زيادة الدعم للسيادة المغربية على الصحراء.
وهذا قد يفتح المجال لتغير كبير في السياسات الجنوب أفريقية، مع إمكانية اتخاذ موقف يتماشى مع المواقف المغربية.
يبدو أن تقرير المعهد، الصادر من بلد يعتبر داعماً رئيسياً للبوليساريو، يستند إلى معطيات موثوقة من داخل صناع القرار في بريتوريا، مما يعزز من احتمالية حدوث تغيير في السياسات الجنوب أفريقية.
ويؤكد التقرير أن دعم ثلاث قوى كبرى هي الولايات المتحدة، إسبانيا، وفرنسا لمبادرة الحكم الذاتي المغربية يشكل ضربة قوية لجبهة البوليساريو، ويُحدث تغيراً دولياً لافتاً لا يمكن تجاهله.
يشير المحللون في المعهد إلى أن الدعم المتزايد الذي تحظى به الرباط على الصعيدين الدولي والإفريقي يمثل ضربة موجعة للبوليساريو، ويؤدي إلى خسارتها التدريجية.
تأسس معهد الدراسات الأمنية في جنوب أفريقيا عام 1991 ويقع مقره الرئيسي في بريتوريا، وله مكاتب إقليمية في أديس أبابا وداكار ونيروبي. يُعرف المعهد بإلمامه الكبير بالاستراتيجيات الوطنية والملفات الخارجية، وهو ما يضفي مصداقية على تحليلاته.
أشار المعهد إلى النجاحات الدبلوماسية المغربية البارزة، خاصة منذ اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء في عام 2020، تلاه اعتراف إسبانيا في 2022، وأخيراً الموقف الفرنسي الذي عزز دعم الحكم الذاتي باعتباره "الأساس الوحيد".
توقع المحللون أن تتماشى فرنسا مع موقفها الجديد على الصعيدين الوطني والدولي، مما يمثل ضربة قوية لبوليساريو وداعميها الإقليميين والدوليين.
كما أشاروا إلى تراجع الدعم الإفريقي للبوليساريو، حيث تعترف بها حالياً 22 دولة فقط، بينما سحبت أو جمدت العديد من الدول الأخرى اعترافها في السنوات الأخيرة. في المقابل، فتحت 22 دولة إفريقية قنصليات في الأقاليم الجنوبية.
أشاد المعهد بذكاء الدبلوماسية المغربية التي أبقت القضية خارج جدول أعمال الاتحاد الإفريقي، رغم النفوذ الكبير لكل من الجزائر وجنوب أفريقيا، والاعتراف الذي يمنحه الاتحاد لبوليساريو.
علقت ليسل لو-فودران، المستشارة العليا في مجموعة الأزمات الدولية بالاتحاد الإفريقي، قائلة: "من الملحوظ كيف أبقى المغرب قضية الصحراء تماماً بعيداً عن جدول أعمال الاتحاد الإفريقي. القضية لا تُناقش أبداً في الجمعية العامة للاتحاد الإفريقي أو مجلس السلام والأمن، أو قسم الشؤون السياسية، وكأنها غير موجودة."