اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارون رئيس التحرير محمود نفادي

صوت المقاومة.. الثقافة الفلسطينية في مواجهة الإبادة الإسرائيلية

الثقافة الفلسطينية
الثقافة الفلسطينية

شهدت الأشهر الأولى بعد السابع من أكتوبر 2023، حالة من الشلل الثقافي في فلسطين، بفعل الإبادة الجماعية التي يتعرض لها قطاع غزة وامتداد الوحشية الإسرائيلية إلى الضفة الغربية. ومع ذلك، بدأت عجلة الفعل الثقافي بالدوران مرة أخرى، لتملأ العالم بصوت فلسطين وكلمتها.

تصدرت غزة عناوين عشرات الكتب التي صدرت بعدة لغات في مختلف أنحاء العالم، مما يعكس عمق معاناة الشعب الفلسطيني وإرادته القوية. على الرغم من العدوان، تم تسليط الضوء على فلسطين في عدد من المناسبات الثقافية، حيث استحوذ العدوان على الفعاليات الثقافية القليلة التي أقيمت داخل الوطن، وتوقفت المؤتمرات والندوات الثقافية التي كانت تُعقد في بداية كل عام أو نهايته.

ومع ذلك، نشطت الفعاليات التي استحضرت فلسطين في العديد من الدول العربية والغربية. فقد خصص معرضا العراق ومسقط الدوليين للكتاب، بالإضافة إلى معرض الكتاب العربي الكندي، العشرات من الندوات الفكرية والثقافية لتسليط الضوء على القضية الفلسطينية، أدبًا وتاريخًا وثقافةً ونضالًا.

خلال الأشهر الأربعة الأولى من العدوان الإسرائيلي، تعرضت الثقافة الفلسطينية لضربة قوية، حيث استشهد 44 كاتبًا وفنانًا وناشطًا، وفقدت 32 مؤسسة ومركزًا ثقافيًا ومسرحًا بشكل جزئي أو كامل. كما تضرر 12 متحفًا و2100 قطعة من التراث، بما في ذلك الأثواب القديمة وقطع التطريز. وأدى القصف إلى تدمير نحو 195 مبنى تاريخيًا في غزة، إلى جانب 9 مواقع تراثية و10 مساجد وكنائس تاريخية، مما يعكس بشاعة الهجوم الذي تعرض له القطاع.

في خضم هذه الكارثة، ورغم الأجواء القاسية، واصلت الثقافة الفلسطينية نضالها وإبداعها. فقد صدرت مجموعة من الكتب التي تتناول القضايا الفلسطينية وتوثق تجارب الحياة تحت الاحتلال. من أبرز هذه الإصدارات، كتاب "الكتابة خلف الخطوط" الذي شارك فيه 25 كاتبًا ومثقفًا من غزة، يتناول حياتهم خلال العدوان.

كما تم إصدار "الحرب على غزّة وسؤال القيم الإنسانية اليوم"، الذي يتضمن أوراقًا فلسفية وسوسيولوجية لفهم العدوان الإسرائيلي، وكتب أخرى تتناول جوانب مختلفة من الصراع، مثل "أبراج من العاج والفولاذ: كيف تسلب الجامعات الإسرائيلية الحرية الفلسطينية؟" و"أسير القدس: معتقل سياسي في فلسطين المحتلة".

تستمر الأصداء الثقافية الفلسطينية في الوصول إلى العالم، حيث تتحدث الأنطولوجيات الشعرية والكتب الأكاديمية عن الأمل والمقاومة. على سبيل المثال، صدرت أنطولوجيا "فلسطين حرّة.. أنطولوجيا من الشعر الفلسطيني"، التي تقدم قصائد لأربعة أجيال من الشعراء الفلسطينيين، وكتاب "فلسطين: تشريح الإبادة الجماعية"، الذي يسلط الضوء على معاناة الشعب الفلسطيني.

هذه الانتصارات الثقافية تأتي في وقت عصيب، وتعكس إرادة الشعب الفلسطيني في المقاومة والحفاظ على هويته الثقافية، بالرغم من التحديات والآلام المستمرة. من خلال الأدب والفن، يواصل الفلسطينيون سرد قصتهم، حيث تظل الثقافة وسيلة للنضال والإلهام.

الفعاليات الثقافية والجوائز الأدبية في فلسطين


في سياق المعاناة المستمرة جراء العدوان، شهدت الثقافة الفلسطينية زخمًا من الفعاليات الثقافية وتكريمات للأدباء والفنانين. أعلنت وزارة الثقافة الفلسطينية في 22 شباط/فبراير عن أسماء الفائزين بجوائز دولة فلسطين في الآداب والفنون والعلوم الإنسانية، حيث حظي كتّاب ومثقفو غزة بحصة كبيرة من الجوائز.

جوائز الآداب والفنون
جائزة فلسطين التقديرية: مُنحت للفنان محمد البكري من أراضي الـ48، والروائي والقاص عمر حمش من غزة.
جائزة فلسطين للآداب: حصل عليها الشاعر عبد الناصر صالح والروائي طلال أبو شاويش.
جائزة فلسطين للدراسات الاجتماعية: فاز بها الكاتب الأسير كميل أبو حنيش.
كما تم تكريم عدد من الفنانين بجائزة فلسطين للفنون، بينهم الخطاط ساهر الكعبي والتشكيلي عبد الهادي شلا. وتوزعت الجوائز الأخرى على مبدعين شباب مثل الروائي سلمان أسامة أحمد والسينمائي صبيح زيدان المصري.

الجوائز العالمية
حصل الشاعر الفلسطيني عبد الله عيسى المقيم في روسيا على جائزة "الثقافة الإمبراطورية" عن ديوانه "هناك حيث ظلال تئن". كما فازت رواية "باقي الوشم" للأديب الكويتي عبد الله الحسيني بجائزة غسان كنفاني، بينما نال الكاتب المعتقل باسم خندقجي جائزة الرواية العربية عن روايته "قناع بلون السماء".

الفعاليات والمعارض
معرض الكتاب السنوي الخامس: نظمته بلدية البيرة بالشراكة مع عدة جهات، تحت عنوان "صمود.. رغم القيود".
المعرض الفني في المتحف الفلسطيني: تظاهرة فنية نصرة لقطاع غزة تضم ثلاثة معارض، أبرزها "هذا ليس معرضًا" الذي جمع أعمال أكثر من 100 فنان غزّي.
معرض الفن التشكيلي "مئة لوحة من غزة": عُرض في متحف محمود درويش، ضم لوحات لثلاثين فنانًا تناولت موضوعات متنوعة عن الحياة في غزة.
مهرجان العودة السينمائي الدولي
افتتح مهرجان العودة السينمائي الدولي دورته الثامنة، التي عُقدت في خان يونس تحت شعار "انتظار العودة عودة"، وشارك فيه 92 فيلمًا من 31 دولة، تناولت القضايا الوطنية الفلسطينية.

مبدعون رحلوا
منذ 7 أكتوبر 2023، فقدت الثقافة الفلسطينية والعربية العديد من الأسماء البارزة التي تركت بصمةً عميقةً في مجالات الأدب والفنون.

إلياس خوري
الروائي والناقد المسرحي إلياس خوري، وُلِد في بيروت عام 1948، كان له تأثير كبير على الأدب الفلسطيني. انتقل إلى الأردن عام 1967، حيث ألهمته زياراته لمخيمات اللاجئين على الانخراط في القضية الفلسطينية. كتب العديد من الروايات البارزة مثل "باب الشمس" و"يالو"، وشارك في تأسيس مجلات أدبية مرموقة مثل "شؤون فلسطينية" و"الكرمل".

حسن سامي يوسف
الكاتب الفلسطيني والسيناريست حسن سامي يوسف، وُلِد في لوبيا عام 1945، هاجرت عائلته بعد النكبة إلى لبنان ثم إلى سوريا. عمل في المؤسسة العامة للسينما، وكتب أكثر من 20 عملاً فنياً، مُسلطًا الضوء على القضايا الفلسطينية.

بلال الحسن
المفكر والكاتب بلال الحسن وُلِد في حيفا عام 1939، وعُرف بعمله في عدة صحف ومجلات، منها "المحرر" و"السفير". كان له دور بارز في الحركة الثقافية الفلسطينية في الشتات، حيث أسهم في نشر الوعي بالقضية الفلسطينية.

رشاد أبو شاور
الأديب رشاد أبو شاور، وُلِد عام 1942 في قرية "ذكرين"، كتب العديد من القصص والروايات التي تتناول القضية الفلسطينية. من أعماله المميزة "ذكرى الأيام الماضية" و"حكاية الناس والحجارة".

فتحي غبن
الفنان فتحي غبن، أحد أعمدة الفن التشكيلي الفلسطيني، وُلِد في 12 نوفمبر 1946. يُعتبر "فان كوخ غزة" لمواقفه الفنية والشجاعة، وقد حصل على العديد من الجوائز، منها وسام الثقافة والعلوم من الرئيس محمود عباس.

سليم مصطفى النفّار
الشاعر سليم النفّار وُلِد في غزة عام 1963، استشهد في قصف استهدف منزله في 12 ديسمبر 2023. كان له دور بارز في المشهد الثقافي الفلسطيني، حيث أسس ملتقى "أبو سلمى" وشارك في تأسيس جمعية "الإبداع الثقافي".