فريق ترامب الرئاسي.. إدارة متشددة بأفكار صادمة وإعادة تشكيل السياسة الأمريكية
في ضوء الفوز الكبير الذي حققه الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب في الانتخابات، بدأت ملامح تشكيل فريقه التنفيذي للولاية الثانية في الظهور، وهو يتسم بتوجهات أكثر تشددًا داخليًا وخارجيًا، مع تركيز على تنفيذ "أفكار ترامب المتشددة" التي لاقت دعمًا شعبيًا واسعًا. تشير التقارير إلى أن الإدارة القادمة ستكون من أكثر الإدارات يمينية في التاريخ الحديث، مع التركيز على سياسات "أمريكا أولًا"، وهو ما سينعكس في تعاملاته مع النخب السياسية في واشنطن، وكذلك في ملفات الهجرة والأمن القومي.
التوجهات الداخلية.. تشديد سياسة الهجرة وتعيينات مشددة
بحسب شبكة "سي إن إن"، بدأت ملامح التوجهات السياسية الداخلية للرئيس المنتخب تتضح من خلال اختياراته للمناصب العليا، والتي تُظهر ولاءً شديدًا له، خاصة بعد الاتهامات التي شابت ولايته الأولى. على الرغم من أن فريق ترامب لا يزال في مرحلة البناء، إلا أن هناك إشارات واضحة على التشدد في بعض القضايا.
من المتوقع أن يتولى ستيفن ميلر، الذي كان له دور محوري في وضع سياسات ترامب الصارمة بشأن الهجرة، منصب نائب كبير موظفي البيت الأبيض لشؤون السياسات. ميلر معروف بتأييده لسياسات "أمريكا للأمريكيين فقط"، ويُتوقع أن يقود سياسات الترحيل الجماعي للمهاجرين غير الشرعيين. إلى جانب ميلر، تم اختيار توم هومان لمنصب "قيصر الحدود"، الذي يهدف إلى مواصلة سياسات ترامب بشأن الهجرة، حيث يدعو إلى ترحيل المهاجرين غير الموثقين باستخدام أساليب صارمة.
تضم قائمة التعيينات أيضًا ماركو روبيو، الذي يُعتبر الخيار الأبرز لمنصب وزير الخارجية. روبيو، الذي يعتبر من الصقور في السياسة الخارجية، معروف بمواقفه القوية ضد الصين وروسيا. كما يُتوقع أن يشغل النائب إليز ستيفانيك منصب سفير الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، وهي سياسية انتقدت بشدة التيار الليبرالي، وتُعد من المدافعين البارزين عن ترامب.
التوجهات الخارجية: تقليص الدور الأمريكي والضغط على الحلفاء
توجهات ترامب الخارجية تبرز بشكل أكبر من خلال اختياراته في ملفات الأمن القومي والعلاقات الدولية. يُتوقع أن يعتمد ترامب على صقور مثل ماركو روبيو ومايك والتز، الذين يشتركون في مواقف متشددة حيال الصين، ولكنهم أيضًا أكثر تقليدية في السياسة الخارجية مقارنةً ببعض الأعضاء الأكثر انعزالية في حزبه الجمهوري.
فيما يتعلق بالصراع الأوكراني، يُظهر ترامب ترددًا في تقديم المزيد من الدعم العسكري لأوكرانيا، حيث انتقد سياسة إدارة بايدن المتمثلة في تسليح القوات الأوكرانية. على الجانب الآخر، كان والتز من منتقدي محاولات إدارة بايدن للتوسط في وقف إطلاق النار في غزة بين إسرائيل وحماس، مؤكدًا على ضرورة أن تتحمل أوروبا مزيدًا من العبء في دعم أوكرانيا.
الولاء والتخطيط.. رؤية جديدة
من بين السمات البارزة في تشكيل فريق ترامب الثاني هو التركيز على الولاء الشخصي للرئيس، وهو ما يبدو أنه أولوية بعد تجربة الولاية الأولى التي شهدت تذمرًا من بعض أعضاء حكومته. ولعل هذا ما يفسر اختياراته للأشخاص الذين يعبرون عن دعمهم التام له، مثل ميلر وهومان. هؤلاء الأشخاص يتمتعون بمهارات وخبرات متخصصة في مجالاتهم، لكنهم يشتركون في ميزة واحدة: الولاء الشديد لترامب وتوجهاته.
علاوة على ذلك، هناك إشارات واضحة إلى مستوى التخطيط والتنظيم الذي لم يتوفر في فترة الانتقال الأولى في عام 2016. ويرتبط ذلك بوجود شخصية مثل سوزي وايلز، رئيسة موظفي البيت الأبيض القادمة، التي لعبت دورًا أساسيًا في إعادة انتخاب ترامب. هذا التخطيط المنهجي قد يسهم في تحسين أداء الإدارة في فترة ما بعد الحملة الانتخابية.
التحديات والمخاطر.. هل سيُنفذ ترامب وعوده؟
رغم أن سياسة ترامب تظهر قدراً كبيراً من التشدد، إلا أن هناك حالة من عدم اليقين حول كيفية تنفيذ هذه السياسات. من غير الواضح إلى أي مدى سيذهب ترامب في تنفيذ وعوده الانتخابية بشأن الهجرة والأمن القومي، ولا سيما في سياق صعوبة تطبيق بعض هذه السياسات في مواجهة المعارضة الداخلية والدولية. كما أن ترامب ليس ملزمًا بالترشح للانتخابات المقبلة في 2028، وهو ما يمنحه مساحة أكبر لاتخاذ قرارات جريئة، ولكنه قد يواجه تحديات تتعلق بالمعارضة الشعبية.
نحو إدارة أكثر تشددًا
بينما تبدأ ملامح إدارة ترامب الثانية في التبلور، تظل السياسة الداخلية والخارجية مثار جدل. مع تعيين عدد من الشخصيات المتشددة في المناصب العليا، يتوقع أن تتبع هذه الإدارة سياسات أكثر تطرفًا في العديد من الملفات، خاصة في موضوعات الهجرة والأمن القومي والعلاقات الدولية. ولكن مع هذا التشدد، تبقى الأسئلة قائمة حول مدى قدرة ترامب على تنفيذ هذه السياسات بفعالية، في ظل التحديات الداخلية والعالمية التي قد يواجهها.