استفتاء الرئاسي في ليبيا.. خطوة نحو الحل أم فتيل إشعال الأزمة؟
رجح عدد من السياسيين أن يسهم الاستفتاء الشعبي الذي يعتزم المجلس الرئاسي في ليبيا إجراؤه حول حل مجلس النواب المتمركز في شرق البلاد في زيادة التوترات السياسية التي تهدد بتفجير الوضع في ليبيا، حيث قد يؤدي ذلك إلى تعميق الأزمة السياسية الحالية في البلاد.
وقال مستشار رئيس المجلس الرئاسي للشؤون التشريعية والانتخابات، زياد دغيم، في تصريحات إعلامية، إن "الاستفتاء على حل مجلس النواب هو أمر منوط برئاسة الدولة، حيث أن هذا الإجراء يتماشى مع العرف الدستوري الذي نص عليه الإعلان الدستوري". وأضاف أن الاستفتاء لا يقتصر فقط على حل مجلس النواب، بل يرتبط بمستقبل المجلس الرئاسي أيضًا، مشيرًا إلى أنه في حال فشل الاستفتاء في حل مجلس النواب، فإن المجلس الرئاسي سيستقيل، ما يعني أن الاستفتاء سيكون بمثابة استفتاء مزدوج على بقاء المجلس الرئاسي من عدمه.
وكانت تصريحات زياد دغيم قد أثارت العديد من التساؤلات حول جدوى هذه الخطوة ومدى تأثيرها على الوضع السياسي في البلاد. فبينما يرى البعض أن الاستفتاء سيكون بمثابة خطوة نحو تطبيع الوضع السياسي وحل الأزمة بين الأطراف المختلفة، يحذر آخرون من أن هذه الخطوة قد تفضي إلى مزيد من التصعيد.
في المقابل، قال المرشح الرئاسي السابق، سليمان البيوضي، إن "القرارات في المجلس الرئاسي تُتخذ بشكل جماعي، وبالتالي فإن تصريحات زياد دغيم لا تعكس الواقع، نظرًا لأن مستشار رئيس المجلس ليس لديه صلاحيات تنفيذية مباشرة"، مؤكدًا أن هذه التصريحات قد تكون بمثابة تحركات فردية تهدف إلى الحفاظ على الوضع القائم.
وأضاف البيوضي في تصريحات صحفية أن تصريحات زياد دغيم والتي ربطت بقاء المجلس الرئاسي بمرور الاستفتاء تدعو إلى التساؤل حول مصداقية الحكومة الحالية، مؤكدًا أن حكومة الوحدة الوطنية، وكذلك المجلس الرئاسي، لم يعد لديهما أي مصداقية في الساحة السياسية الليبية بعد تدخلاتهما في الانتخابات المحلية الأخيرة، خاصة في بلدية معينة، والتي اعتُبرت تدخلات سلبية من قبل الحكومة، مما يثير شكوكًا واسعة حول نزاهة الانتخابات المقبلة.
وأكد البيوضي أنه بات من الضروري البحث عن آلية جديدة لتشكيل سلطة تنفيذية موحدة ومحايدة لضمان إجراء انتخابات نزيهة وشفافة تكون مقبولة من قبل الجميع. وأشار إلى أن الاستفتاء المزمع إجراؤه يواجه الآن صعوبة كبيرة في أن يكون بمثابة استفتاء حقيقي يعكس إرادة الشعب، حيث من المرجح أن يعكس نتائج هذا الاستفتاء فقط إرادة السلطة الحاكمة، وهو ما يشكك في مصداقيته.
من جانبه، قال المحلل السياسي، سالم أبوخزام، إن "المجلس الرئاسي يبدو أنه يسعى إلى تصعيد الأزمة السياسية من خلال إجراء الاستفتاء على حل مجلس النواب، الذي سيزيد من تعميق التوترات في البلاد". وأوضح أبوخزام أن إجراء الاستفتاء يمثل خطوة متعمدة تهدف إلى حل البرلمان، لكن قبل ذلك، هناك يقين بأن المجلس الرئاسي يتجاوز صلاحياته فيما يتعلق بهذا الإجراء.
وأضاف أبوخزام أن "الاستفتاء سيؤدي إلى إرباك المشهد السياسي الليبي بشكل كبير، كما سيساهم في خلق حالة من التوتر بين مختلف الأجسام السياسية الفاعلة في ليبيا". وأشار إلى أن هذا التصعيد يمكن أن يُجرّ الجميع إلى منازعات داخل إطار قرارات أحادية، ما قد يترتب عليه نتائج سلبية على المدى الطويل. كما أضاف أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى حالة من الفوضى السياسية في ليبيا، كما يمكن أن تحفز تدخلات أجنبية في الشأن الليبي، مما يفاقم الأزمة ويزيد من تعقيد المشهد السياسي.
ورأى أبوخزام أن الوضع في ليبيا قد ينزلق إلى حرب محدودة إذا استمرت هذه التصعيدات، وقد تتوسع الأوضاع لتصل إلى نزاع أوسع، ما يزيد من تعقيد الوضع السياسي ويقود إلى فقدان السيطرة على الموقف. وأضاف أن هذا التصعيد قد يؤدي إلى انهيار الاتفاق السياسي القائم وخلط الأوراق مجددًا، ما قد يشجع على التدخل الأجنبي وفتح الأبواب نحو مشهد أكثر تعقيدًا ودمارًا.
وأكد أبوخزام في النهاية أنه من المرجح أن يؤدي هذا التصعيد إلى مزيد من التدخلات الخارجية التي لن تساعد على حل الأزمة الليبية، بل ستزيد من تعقيد الموقف وتفاقم الأوضاع أكثر.