الانتخابات البلدية في ليبيا.. تأخير الإعلان عن النتائج يثير الجدل والمخاوف من التزوير
تستعد السلطات الانتخابية في ليبيا للإعلان عن نتائج الاستحقاق البلدي الذي جرى قبل أسابيع، وسط ترقب شديد من الشارع الليبي، خاصة بعد أن شهدت الانتخابات إقبالًا واسعًا من الناخبين. ورغم مشاركة نحو 74% من الناخبين المسجلين في الجولة الأولى، إلا أن تأخر مفوضية الانتخابات في الإعلان عن النتائج أثار العديد من التحذيرات من قبل نشطاء سياسيين وحقوقيين ليبيين، الذين عبروا عن مخاوفهم من إمكانية التلاعب أو تزوير النتائج.
وقد شهدت الانتخابات التي جرت في جولتها الأولى، تصعيدًا للخلافات حول ضم بلديات معينة إلى أخرى، بناءً على قرار صادر عن حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وهو ما أضاف تعقيدات للأزمة الحالية. وأثار هذا الجدل شكوكًا بشأن نزاهة العملية الانتخابية ومدى تأثير القوى السياسية، وخاصة تلك المتحالفة مع الميليشيات في غرب البلاد، على نتائج الانتخابات.
وفي تعليق على التأخير، قال المحلل السياسي الليبي حمد الخراز: "التأخير في إعلان النتائج يثير الريبة والشكوك لدى العديد من المراقبين، وأعتقد أن الآلية التي اعتمدتها المفوضية العليا للانتخابات لم تكن بالمستوى المطلوب". وأضاف الخراز، في تصريحات صحفية: "الإقبال كان ضعيفًا نسبيًا، ولم يكن يتطلب كل هذا الوقت لفرز النتائج وإعلانها، وهذه أمور تستوجب من مجلس النواب استدعاء رئيس المفوضية العليا للانتخابات ومساءلته". وأشار الخراز إلى أن هذا الوضع يُضعف مبدأ الشفافية في العملية الانتخابية، ويخلق بيئة تشكك في نزاهتها، مما قد يتيح الفرصة لتزوير النتائج لصالح شخصيات موالية للميليشيات أو لحكومة الدبيبة.
من جانبه، أوضح مصدر مطلع في المفوضية العليا للانتخابات أن "النتائج ستُعلن اليوم الأحد رسميًا"، لكنه امتنع عن التعليق على الانتقادات الموجهة للمفوضية بشأن التأخير في الإعلان.
وتجدر الإشارة إلى أن الانتخابات البلدية، التي شملت الجولة الأولى نحو 58 مجلسًا بلديًا، شهدت مشاركة واسعة من الناخبين، وهو ما اعتبره العديد من المراقبين خطوة إيجابية نحو دعم الحكم المحلي. وتُجرى الجولة الثانية من الانتخابات في يناير المقبل، لتشمل بلديات أخرى في مختلف أنحاء البلاد.
وفي إطار محاولة تفسير التأخير، أشار المحلل السياسي حسام الدين العبدلي إلى أن "التأخير في الإعلان عن النتائج يعود إلى عدة ظروف، أبرزها الطبيعة الجغرافية لليبيا، التي تمتد بين الجنوب والشرق". وأوضح العبدلي في تصريح صحفي أن "إجراءات نقل صناديق الاقتراع من المدن إلى طرابلس لتبدأ عملية العد في مركز الإحصاء الجديد استغرقت بعض الوقت، وهو ما يبرر التأخير الذي طال خمسة أيام". وأضاف أن "المجتمع الليبي متفائل جدًا بنجاح هذه الانتخابات، ويأمل في أن تُسهم في تعزيز الحكم المحلي وتقديم الخدمات بشكل أفضل للمواطنين".
ويعكس هذا التأخير في إعلان النتائج، إضافة إلى الجدل المثار حول العملية الانتخابية، التحديات التي تواجهها ليبيا في بناء دولة ديمقراطية ومستقرة، خاصة في ظل الظروف السياسية المعقدة والأزمة الأمنية المستمرة في بعض المناطق.