حمص على المحك.. الفصائل المسلحة تقترب من قلب سوريا في تحول استراتيجي حاسم
في تقرير مفصل نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أشار إلى أن السيطرة على مدينة حمص ستكون نقطة تحول حاسمة في المعركة الجارية في سوريا. وأكد التقرير أن الفصائل المسلحة التي تحرز تقدما ملحوظا في أنحاء البلاد، تستعد للسيطرة على ثالث أكبر مدينة سورية، وهو ما يمثل نصرًا كبيرًا في سياق الحرب المستمرة.
بحسب الصحيفة، فقد تمكنت الفصائل المسلحة من السيطرة على مدينتي حلب وحماة في وقت قياسي، ما عزز من مكانتها على الأرض وأدى إلى تغيير في موازين القوى. وتشير التقارير إلى أن هذه الفصائل الآن تركز على مدينة حمص باعتبارها الهدف المقبل، وهو ما يعتبر تحركًا إستراتيجيًا مهمًا.
أشار تشارلز ليستر، مدير برنامج سوريا في معهد الشرق الأوسط، في حديثه للصحيفة إلى أن "سيطرة الفصائل على حمص ستكون بمثابة تحول كبير في المعركة، حيث إن هذه المدينة تُعد نقطة محورية بين المناطق التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة في الشمال والعاصمة دمشق". وأضاف ليستر: "إذا سقطت حمص في يد المعارضة، فإن هذا سيعني عزل دمشق عن الساحل السوري، ما سيقطع فعليًا حكم النظام إلى قسمين".
كما أضاف ليستر أن رغم أن النظام السوري يمتلك وجودًا عسكريًا قويًا في حمص، فإن المناطق الريفية المحيطة بها، ولا سيما تلك التي تتوزع على طول الطريق السريع M5، تعتبر أكثر تقبلا للمعارضة المسلحة، وهو ما يعطي هذه الأخيرة ميزة إضافية في السيطرة على المدينة. مع الزخم الحالي الذي تتمتع به الفصائل، فإن السيطرة على حمص تبدو مسألة وقت فقط.
تقع حمص في موقع إستراتيجي على الطريق السريع M5 الذي يربط بين دمشق والساحل السوري، وهي قريبة من حماة التي كانت قد سقطت في يد المسلحين مؤخرًا. كما أنها تعد بمثابة نقطة وصل حيوية بين العاصمة دمشق والمناطق التي يسيطر عليها الجيش السوري، الأمر الذي يجعلها من الأهداف العسكرية المهمة.
وبالإضافة إلى موقعها الجغرافي، فإن حمص تعد منطقة ذات أهمية كبيرة من الناحية السياسية والعسكرية. فهي تقع بالقرب من معقل المجتمع العلوي، وهو المجتمع الذي يشكل قاعدة السلطة الأساسية لعائلة الأسد. وبالنظر إلى أهمية المدينة، فإن النظام السوري يسعى بكل ما أوتي من قوة للحفاظ على سيطرته عليها.
لكن السيطرة على حمص، من جهة أخرى، تمثل بالنسبة للمسلحين خطوة إستراتيجية حاسمة. فهي ليست مجرد مدينة على الطريق نحو دمشق، بل هي جزء من شبكة من المدن التي تسهم في تجميع القوات وإعادة التموضع في الاتجاه نحو العاصمة. كما أن السيطرة على حمص تعني تقطيع أوصال النظام السوري ومنع أي إمكانية للتنسيق بين الجيش السوري في دمشق وقواته في الساحل السوري.
الصحيفة أفادت أيضًا أن الساحل السوري، الذي يضم مدينة طرطوس حيث توجد قاعدة بحرية روسية، وقاعدة حميميم الجوية في أقصى الشمال، هو معقلٌ استراتيجي مهم بالنسبة للوجود العسكري الروسي في سوريا. هذا التواجد الروسي في المنطقة يجعل من السيطرة على حمص أكثر تعقيدًا، حيث أن هذه القواعد تشكل شريانًا حيويًا للنظام السوري في الحرب.
قبل الهجوم الأخير الذي شنته هيئة تحرير الشام، كانت جبهات المعركة قد شهدت نوعًا من الجمود النسبي، حيث استمر النزاع لسنوات طويلة دون تغيرات جوهرية. لكن مع سيطرة هيئة تحرير الشام بسرعة على مدينة حلب، وما تبع ذلك من تقدم نحو حمص، أصبح من الواضح أن موازين القوى قد بدأت في التغيير بشكل ملحوظ.
واختتمت الصحيفة بتأكيد أن السيطرة على حمص ستكون بمثابة نجاح كبير بالنسبة لهيئة تحرير الشام والفصائل المسلحة المتحالفة معها. كما أن هذا النجاح سيعزز من تقدمها نحو العاصمة دمشق بشكل سريع، ويؤدي إلى تقويض الحكم الذي يفرضه النظام السوري في تلك المناطق.