المبادرة العربية.. مفتاح وحدة سوريا في مواجهة الانقسامات الإقليمية والدولية
في وقت تراجع فيه الجهود الإقليمية والدولية لإيجاد حل شامل للأزمة السورية، أصبح واضحاً أن الوضع قد يتحول إلى "بركان جديد" يؤثر ليس فقط على المحيط الإقليمي بل على الساحة العالمية بأسرها. وفي هذا السياق، اعتبر خبراء في العلاقات الدولية أن طرح مبادرة عربية تجمع أطراف الأزمة السورية والحكومة قد يشكل حلاً فعّالاً للحد من المخاطر المحتملة، والعمل على منع تفكك الدولة وتقسيمها.
ووفقاً لتصريحات هؤلاء الخبراء ، فإن بعض الدول العربية تمتلك شبكات اتصالات وتفاهمات مع أطراف إقليمية ودولية، ما يتيح لها القدرة على إطلاق مبادرة تهدف إلى الحفاظ على وحدة سوريا. كما أشاروا إلى أن هذه الدول قادرة على التواصل مع الحكومة السورية للعمل على تطوير عملية انتقالية قائمة على حل سياسي حقيقي.
وأضاف الخبراء أن هناك تحركات واتصالات عربية تجري في أكثر من اتجاه، تهدف إلى عدم تقسيم سوريا من خلال الوصول إلى حلول سلمية. تلك التحركات تستهدف إجراء مفاوضات شاملة بين الحكومة السورية والمعارضة والأقليات كافة، وذلك للتوصل إلى كيفية تحقيق عملية سياسية جديدة تسمح بانتقال سلمي للسلطة.
من جانبها، قالت الباحثة السياسية الدكتورة تمارا حداد، في تصريح صحفي، إن الحل للأزمة السورية الحالية لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال المبادرات العربية، بالنظر إلى الصراع الدائر بين القوى الإقليمية التي تحركها تحالفات دولية. وأكدت أن أي مبادرة عربية من شأنها أن تسهم إيجاباً في تحقيق تسوية سياسية، خصوصاً إذا كانت هذه المبادرة مدعومة بمصلحة مشتركة من أجل سوريا موحدة بعيداً عن النفوذ الخارجي.
كما شددت الدكتورة تمارا على ضرورة تفعيل المساعي العربية الحالية التي تسعى من خلال مؤتمرٍ يجمع الأطراف كافة للبحث في الحلول السياسية المناسبة، وذلك للحيلولة دون تنفيذ مخططات تقسيمية تشرف عليها قوى إقليمية ودولية ذات مصالح خاصة.
وأوضحت أن المبادرة العربية هي الحل الوحيد للانطلاق نحو حوار سياسي بين الحكومة والمعارضة السورية، محذرة من أن رفض الرئيس السوري لهذه المبادرة سيؤدي إلى استمرار الفوضى في البلاد، بل قد يفتح المجال للتدخلات الأجنبية التي تسعى إلى تفتيت سوريا. وأشارت إلى أن هيئة تحرير الشام المدعومة من تركيا قد تتجاوز الخطوط التي كانت مرسومة لها، وهو ما يتطلب تحركاً عاجلاً من أجل تفادي المزيد من الانقسامات.
من جهته، أوضح الباحث في العلاقات الدولية أحمد سعيد أن هناك دولاً عربية قادرة على إطلاق مبادرة شاملة تهدف إلى عدم تقسيم سوريا، مستندة إلى علاقاتها القوية مع الأطراف الإقليمية والدولية. وأكد سعيد أن هذه الدول تعمل على مدار الساعة للتوصل إلى حلول سلمية تضمن استقرار سوريا، وتحظى بدعم دولي، خاصة من روسيا والصين، في ظل جهودها للحد من التدخلات التركية والإيرانية.
وأشار إلى أن التحركات العربية الحالية تهدف إلى إجراء مفاوضات بين الحكومة السورية والمعارضة والأقليات كافة، للتوصل إلى عملية سياسية جديدة تؤدي إلى انتقال سلمي للسلطة، مشدداً على أن تقسيم سوريا قد يترتب عليه عواقب كارثية، ليس فقط على المنطقة العربية، بل على العالم أجمع، في ظل التهديدات الأمنية والإنسانية التي قد تنجم عن الأزمة.