تصاعد التوتر في دير الزو.. قسد تسيطر على قرى إستراتيجية والميليشيات الإيرانية تتراجع
شهدت محافظة دير الزور تطورًا لافتًا في الأيام الأخيرة، حيث نجحت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في السيطرة على سبع قرى إستراتيجية شرق نهر الفرات، بعد انسحاب القوات الحكومية منها وتراجع الميليشيات الإيرانية من آخر مواقعها في ريف دير الزور الشرقي. وهذه القرى هي الحسينية، الصالحية، حطلة، مراط، مظلوم، خشام، وطابية، التي تعد ذات أهمية إستراتيجية كونها تشكل نقاط تماس بين الأطراف المتصارعة في المنطقة.
كيف سيطرت قسد على القرى السبع؟
تمكنت قوات "قسد" من السيطرة على هذه القرى في توقيت حساس، حيث تزامن هذا التقدم مع قصف مكثف نفذته قوات التحالف الدولي، انطلاقًا من قاعدة معمل "كونيكو" للغاز. استخدم التحالف المدفعية الثقيلة لاستهداف مواقع الميليشيات الإيرانية والقوات الحكومية في بلدتي خشام ومراط ضمن نطاق "القرى السبع". ورغم عدم ورود معلومات مؤكدة عن خسائر بشرية، فإن هذا القصف أسهم بشكل كبير في تمهيد الطريق أمام "قسد" لتوسيع نفوذها في المنطقة.
علاوة على ذلك، لعب انسحاب القوات الروسية من مقراتها في المنطقة دورًا محوريًا في تعزيز سيطرة "قسد"، حيث أتاح هذا الانسحاب للقوات الكردية فرض سيطرتها على الأرض دون مقاومة تُذكر من الميليشيات الإيرانية، التي انسحبت بدورها من مواقعها الأخيرة.
أهمية القرى السبع
تعد هذه القرى نقطة ارتكاز إستراتيجية في شرق نهر الفرات، حيث تشكل خط تماس مباشر بين مناطق سيطرة القوات الحكومية والميليشيات الإيرانية. وقد كانت المنطقة هدفًا لتحركات عسكرية متكررة خلال السنوات الماضية، بما في ذلك دخول القوات الروسية في وقت سابق لمحاولة تقليص النفوذ الإيراني في المنطقة. ومع انسحاب هذه القوات، أصبحت المنطقة مركزًا للصراع المستمر بين الفصائل الكردية المدعومة من التحالف الدولي والميليشيات الإيرانية.
التداعيات المحتملة
تثير هذه التحركات العسكرية مخاوف من تصاعد التوترات في المنطقة، خاصة مع احتمال امتداد المعارك إلى مناطق أخرى في شرق سوريا مثل البوكمال وأبو حسن، حيث تتمركز الميليشيات الإيرانية بشكل كبير. ويؤكد الدكتور خالد العزي، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية، أن المرحلة المقبلة قد تشهد "قطع الطريق على الإمدادات الإيرانية عبر استهداف القواعد الإيرانية في دير الزور"، بما في ذلك قاعدة "الإمام علي"، مما قد يعزز من حالة الاحتقان العسكري في المنطقة.
التوازنات الدولية والإقليمية
وفقًا للعزي، فإن التطورات الأخيرة في شمال سوريا تشير إلى احتمالية انخراط أعمق بين تركيا وأمريكا بشأن مستقبل المنطقة، خصوصًا في ظل استمرار الوجود الكردي هناك. وهذا يضع القائد الكردي لقوات "قسد"، مظلوم عبدي، أمام خيارين حاسمين: إما المضي في حماية الأكراد والمشاركة في عملية التغيير السياسي السوري، أو استمرار التبعية لمقاتلي جبال قنديل، وهو ما قد يعقد التوافقات الدولية الخاصة بالملف السوري.
في المقابل، يمكن أن يدفع تصاعد الضغط العسكري على الميليشيات الإيرانية في دير الزور والبوكمال هذه القوات إلى تعزيز تمركزها في قواعدها الحالية، مدعومة من قوات الحشد الشعبي وعشائر محلية نظمتها إيران ضمن صفوفها، مما يزيد من تعقيد الوضع العسكري والسياسي في المنطقة.