الوساطة الأمريكية في لبنان.. التفاؤل الإسرائيلي يواجه عقبة إيران في مفاوضات الحدود
أعرب مسؤولون إسرائيليون سياسيون وأمنيون في الأيام الأخيرة عن تفاؤل حذر بشأن التقدم في المفاوضات المتعلقة بالحدود الشمالية، التي تمت بوساطة أمريكية في الآونة الأخيرة، بعد زيارة الوسيط الأمريكي آموس هوكستين إلى بيروت وتل أبيب. ورغم الغموض الكبير الذي رافق هذه الزيارة وعدم صدور أي إفادات رسمية عن نتائج المحادثات، فإن المصادر الرفيعة المستوى في تل أبيب تحدثت عن أن هوكستين اتخذ نهجًا حازمًا في تعامله مع الجانب اللبناني، وخصوصًا مع ميليشيا حزب الله، وهو ما ساعد على تحقيق تقدم ملموس في المفاوضات.
وأفادت تلك المصادر بأن هوكستين وضع في محادثاته مع الجانب اللبناني شروطًا واضحة لا لبس فيها، تم نقلها إلى ميليشيا حزب الله، وهو ما اعتُبر خطوة مهمة في مسار التفاوض على تسوية الحدود الشمالية. وفي هذا السياق، سرب كبار المسؤولين الإسرائيليين كلمات هوكستين خلال محادثات مغلقة معهم، حيث قال: "أعطيت اللبنانيين إنذارًا نهائيًا"، وهو ما يوحي بتقدم كبير على الرغم من التعقيدات والضغوط السياسية التي رافقت هذه المفاوضات.
لكن وعلى الرغم من الأجواء المتفائلة التي تروجها وسائل الإعلام الإسرائيلية بشأن الوصول إلى تسوية مع لبنان، إلا أن مسؤولين دبلوماسيين إسرائيليين مطلعين على تفاصيل المحادثات أشاروا إلى أن هناك عقبة كبيرة لا تزال قائمة أمام إتمام الاتفاق، وهي أن الجانب اللبناني لم يحصل بعد على الموافقة النهائية المطلوبة من إيران. وتتمثل هذه العقبة في الموقف الحاسم والمؤثر لإيران على ميليشيا حزب الله، والتي ما زالت تمثل عقبة رئيسية أمام التوصل إلى تسوية نهائية.
وبحسب القناة "12" الإسرائيلية، تركزت الجهود الدبلوماسية المكثفة في الأيام الأخيرة على محاولة التوصل إلى صيغة تقلل من الحالات التي قد يُطلب فيها من إسرائيل انتهاك السيادة اللبنانية بموجب أي اتفاق. وقد تم توجيه الجهود لتوسيع صلاحيات آلية المراقبة الدولية، بما يضمن ضمان تطبيق معايير دقيقة وواضحة تحدد المواقف التي يُسمح فيها لإسرائيل بممارسة "حرية العمل العسكري"، وهو ما يعتبر جزءًا من الترتيبات التي يمكن أن تضمن استقرار الاتفاق المستقبلي.
وفي إطار هذه الجهود الدبلوماسية، حضر قائد القيادة المركزية الأمريكية اجتماعًا مع رئيس الأركان الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، حيث تم مناقشة التفاصيل المتعلقة بتطبيق الاتفاق في حال التوصل إليه، مع التركيز على الدور الذي ستلعبه القوات الأمريكية في الإشراف على تنفيذ أي اتفاق مستقبلي، خاصة في المناطق المتاخمة للحدود اللبنانية.
وفي الوقت نفسه، واصل الجيش الإسرائيلي تعزيز الضغوط العسكرية على الأراضي اللبنانية من خلال توسيع النشاطات العملياتية في المنطقة، وهو ما يعكس استمرار التوترات في المنطقة رغم التقدم الدبلوماسي. وفي هذا السياق، أصدر رئيس الأركان تعليماته لقادة هيئة الأركان العامة بمواصلة العمل على صياغة الخطط العملياتية الشاملة، بما في ذلك السيناريوهات التي قد تتطلب تدخلات عسكرية واسعة في الأراضي اللبنانية في حال انهيار المفاوضات أو خرق الاتفاق من جانب ميليشيا حزب الله.
وقد بدت هذه الجهود العسكرية مكملة للجهود الدبلوماسية، في وقت حساس يشهد فيه الوضع في لبنان توترات سياسية وعسكرية، وهو ما يفرض على المسؤولين الإسرائيليين اتخاذ إجراءات وقائية لضمان حماية مصالحهم في حال فشل المفاوضات أو تصاعد العنف في المنطقة.
وبالنظر إلى الصورة العامة للمفاوضات، فإن المسؤولين الإسرائيليين يواصلون متابعة التطورات عن كثب، وسط توجيه التحركات الدبلوماسية والإجراءات العسكرية بشكل متناغم لتحقيق أهدافهم في تأمين الحدود الشمالية وضمان عدم تصاعد الأزمة إلى مستويات غير قابلة للسيطرة.