لبنان في الذكرى الـ81 لاستقلاله.. بين مرارة الحرب وأمل الولادة الجديدة
من تحت ركام مدنه وقراه، يطل لبنان في الذكرى الـ81 لاستقلاله عن الانتداب الفرنسي في عيد يمتزج بمرارة الحرب وأمل بنهاية المعاناة. هذا الاستقلال الذي تحقق في 22 نوفمبر 1943، جاء بعد سنوات من الاضطرابات السياسية والأمنية، ليعيش لبنان على وقع تاريخه المتقلب بين حلم السلام وآلام الحروب.
حرب جديدة وشبح الأزمة المستمرة
لبنان اليوم يعاني من أزمات متتالية، إذ أضافت المواجهات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل حملاً جديدًا على كاهل الشعب اللبناني الذي يعاني أصلاً من أزمة اقتصادية خانقة وأزمة سياسية مستمرة. الحرب الأخيرة، التي أطلقها حزب الله بتوجيه ضربات لإسرائيل في وقت حساس، أضافت جبهة جديدة من الأوجاع التي أثقلت كاهل اللبنانيين، لترتكب المزيد من الخسائر البشرية والمادية.
تاريخ لبنان مع الأزمات السياسية
لبنان شهد عبر تاريخه محطات صعبة، ففي المرة الأولى التي تعرّض فيها للاستقلال في عام 1943، دخل في أتون الصراعات السياسية الداخلية التي كانت تدور حول تداعيات القضية الفلسطينية. توترت العلاقات بين القوى اليسارية واليمينية حول الدور الذي ينبغي أن يلعبه لبنان في الصراع العربي-الإسرائيلي، مما أدى إلى اندلاع الحرب الأهلية في 1975 التي لم تنتهِ إلا بتوقيع اتفاق الطائف عام 1990.
ولكن حتى بعد ما سُمّي بـ"الاستقلال الثاني"، الذي تحقق مع انتهاء الحرب الأهلية، ظل لبنان يعيش في دائرة الصراع الداخلي، حيث ظهرت معضلة سلاح حزب الله التي ظلت تهدد استقرار البلاد. ورغم الانقسام السياسي الذي أعقب اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 2005، لم يتمكن لبنان من تحقيق الاستقرار الكامل.
الوضع الراهن: الحرب المستمرة والفراغ الرئاسي
الفراغ السياسي الذي يعاني منه لبنان يضاف إلى ركام الأزمات التي تراكمت على مدار السنوات. فمنذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في أكتوبر 2022، فشل البرلمان في انتخاب خلف له، مما أدى إلى أزمة فراغ رئاسي مستمر، لم يكن لبنان غريباً عنها في تاريخه السياسي المضطرب.
لبنان في وجه الحرب: إصرار على الاستقلال رغم التحديات
رغم سواد الحرب والدمار، أصر اللبنانيون على إحياء ذكرى استقلالهم. في هذا السياق، أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على ضرورة إحياء الذكرى رغم الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان. ولفت إلى أن الجيش اللبناني، الذي يواصل تقديم التضحيات لحماية سيادة لبنان، هو الأمل في الخروج من هذه الأزمة.
منذ بداية المواجهات بين حزب الله وإسرائيل في 8 أكتوبر 2023، ومع اشتداد القصف المتبادل، خلفت الحرب حتى الآن 3583 قتيلاً على الأقل في لبنان، وسط معاناة شعبية كبيرة.
الضغوطات الاقتصادية والتدهور الاجتماعي
في هذا السياق، لم تكن الحرب وحدها ما يعيق استقرار لبنان، بل كانت الأزمة الاقتصادية الخانقة السبب الرئيسي في تدهور الوضع الاجتماعي. فبينما يبذل لبنان جهوداً مستمرة لإعادة بناء اقتصاده، تتزايد الخسائر البشرية والاجتماعية نتيجة للانقسامات السياسية والعسكرية.
حزب الله: تحديات داخلية وضغوط خارجية
على الصعيد السياسي والعسكري، يواجه حزب الله تحديات داخلية ضخمة. فقد خسرت قواته الكثير من القيادات البارزة، وأصبح في وضعٍ تنظيمي ضعيف. ورغم محاولاته المستمرة للضغط على إسرائيل من خلال حرب استنزاف طويلة، إلا أن الأمور على الأرض كانت تخيب آمال الحزب في حسم المعركة لصالحه.
الأمل في حصول الحزب على دعم أمريكي لوقف إطلاق النار تبدد، في ظل التوازنات السياسية الحالية على الأرض، والتي تجعل من شروطه في أي اتفاق محتمل ضعيفة، مع استمرار معاناة المدنيين الذين دفعوا فاتورة الحرب.
لبنان بين الأمل واليأس
رغم كل الصعوبات والأزمات، يبقى لبنان يعاني من حالة اللااستقرار السياسي والعسكري، ومع ذلك يظل شعبه متشبثًا بالأمل في غدٍ أفضل. في ذكرى استقلاله، يبقى السؤال الأكبر: هل سيتحقق حلم اللبنانيين في بناء وطن جديد خالٍ من الحروب والانقسامات؟