مستقبل المهمة العسكرية الأمريكية في سوريا بعد انهيار نظام الأسد
أدى الانهيار المفاجئ لنظام الرئيس السوري بشار الأسد إلى وضع المهمة العسكرية الأمريكية في سوريا في "حالة من عدم اليقين"، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست. وتشير الصحيفة إلى أن التحديات التي تطرحها التطورات الأخيرة في سوريا ستكون من أولى المعضلات التي سيواجهها الرئيس الأمريكي المنتخب، الذي تعهد مرارًا بسحب القوات الأمريكية من سوريا خلال ولايته الأولى.
ووفقًا للتقرير، فإن الاضطرابات التي تلت الإطاحة بنظام الأسد أثارت تساؤلات ملحة بشأن مصير القوات الأمريكية المتمركزة في سوريا، والبالغ عددها حوالي 2000 جندي. وتعمل هذه القوات كحاجز ضد تهديدات تنظيم داعش وإيران، في وقت تشهد فيه المنطقة تغييرات جذرية.
وتشير الصحيفة إلى أن الرئيس المنتخب سيواجه تحديات متزايدة في منطقة الشرق الأوسط مع بدء ولايته الثانية الشهر المقبل. وتزداد الأسئلة حول مستقبل الوجود العسكري الأمريكي في سوريا، حيث كانت الولايات المتحدة قد اعتمدت على مجموعة من المواقع الاستراتيجية في شرق البلاد لمحاربة تنظيم داعش ولمراقبة الأنشطة الإيرانية في المنطقة.
وتسرد الصحيفة التغيرات الكبيرة التي شهدتها سوريا والمنطقة بعد الهجوم الذي وقع في 7 أكتوبر الماضي، والذي أدى إلى تصعيد عسكري في قطاع غزة ولبنان، وزيادة التوتر بين إيران وإسرائيل. هذا التصعيد أضعف من قوة وكلاء إيران في المنطقة، الأمر الذي يعقد الأمور بالنسبة للولايات المتحدة، التي قد تواجه مزيدًا من التحديات في تحديد مسار سياستها العسكرية في سوريا.
ورغم أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لم يكشف عن خطط واضحة للمهمة العسكرية في سوريا، إلا أن مستشاريه أشاروا إلى أن الأولوية ستكون لمكافحة تنظيم داعش، الذي رغم فقدانه للدولة الزائفة التي كان يسيطر عليها، إلا أنه أعاد تنظيم صفوفه في الصحراء الجنوبية بسوريا، حيث نفذت القوات الأمريكية في الآونة الأخيرة ضربات جوية ضد المسلحين.
أما على صعيد آخر، فقد لاحظت الصحيفة أن هناك تحركات حذرة من جانب كل من إدارة ترامب وإدارة الرئيس الحالي جو بايدن، حيث قام كبار المسؤولين الأمريكيين بزيارة سوريا هذا الأسبوع للمرة الأولى منذ أكثر من عشرة أعوام. هذه الزيارة جاءت في إطار التنسيق للتعامل مع "هيئة تحرير الشام"، التي تأسست كفرع لتنظيم القاعدة، ورغم وعود الهيئة بالاستقرار، إلا أنها تظل مدرجة على قائمة الولايات المتحدة للجماعات الإرهابية.
وتؤكد الصحيفة أن المخاطر على الولايات المتحدة تبقى كبيرة، خاصة مع وجود أفراد أمريكيين في قواعد صغيرة ومكشوفة في سوريا، مما يعرضهم لتهديدات متزايدة. منذ بداية الحرب في غزة، نفذت الميليشيات المدعومة من إيران أكثر من 200 هجوم على القوات الأمريكية في سوريا، بما في ذلك هجوم في يناير/كانون الثاني الماضي أسفر عن مقتل ثلاثة جنود أمريكيين على الحدود الأردنية السورية. البيانات العسكرية الأمريكية تشير إلى أن أكثر من 130 من هذه الهجمات استهدفت مواقع أمريكية في سوريا.
وفي النهاية، تلفت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة ليست الوحيدة التي أعادت النظر في وجودها العسكري في سوريا بعد انهيار النظام السوري. من المتوقع أن يكون التفاهم المستقبلي بين السلطات الكردية في شمال شرق سوريا والحكومة الجديدة التي يقودها "هيئة تحرير الشام" في دمشق هو العامل الرئيس الذي سيحدد مستقبل المهمة العسكرية الأمريكية في البلاد، بالإضافة إلى درجة استعداد الولايات المتحدة لتوفير الحماية لهذه السلطات الكردية في مواجهة التحديات الأمنية المتزايدة.