بوركينا فاسو.. إقالة مفاجئة لرئيس الوزراء وحل الحكومة وسط تصاعد التحديات الأمنية والسياسية
في خطوة مفاجئة، أقال رئيس المجلس العسكري الحاكم في بوركينا فاسو، الكابتن إبراهيم تراوري، رئيس الوزراء أبولينير جواكيم كييليم دي تامبيلا، وحل الحكومة. وجاء هذا القرار عبر مرسوم رئاسي أعلنه الكابتن تراوري، حيث تم الإعلان عن "إنهاء مهام رئيس الوزراء"، وأوضح أن أعضاء الحكومة المنحلة سيقومون بتصريف الأعمال لحين تشكيل حكومة جديدة. لم يتم ذكر أي تفاصيل توضح أسباب هذا القرار المفاجئ.
تفاصيل حول رئيس الوزراء المُقال
تولى أبولينير جواكيم كييليم دي تامبيلا منصب رئيس الوزراء في أكتوبر 2022 بعد انقلاب عسكري قاده الكابتن إبراهيم تراوري في سبتمبر من نفس العام، والذي أطاح بالحكومة السابقة. وقد تم اختيار دي تامبيلا، الذي يشغل منصب محامي، لقيادة ثلاث حكومات متتالية بعد الانقلاب الذي أوصل تراوري إلى السلطة.
وفي أكتوبر 2024، تعرض دي تامبيلا لانتقادات شديدة من الزعماء التقليديين في بوركينا فاسو بسبب تصريحاته المثيرة للجدل التي شكك فيها في فعالية الأوثان التقليدية في مواجهة التهديدات الإرهابية. وكان قد دعا إلى تعزيز المعرفة العلمية لمواجهة هذه التهديدات. ونتيجة لهذه التصريحات، اضطر رئيس الوزراء حينها للاعتذار لأولئك الذين شعروا بالإساءة بسبب ما قاله، لكن يبدو أن هذه الحادثة ربما تكون قد أثرت على مستقبله السياسي، بالإضافة إلى المشهد العام في البلاد.
العلاقات الخارجية لبوركينا فاسو وتوجهاتها الجديدة
منذ وصول الكابتن تراوري إلى السلطة، شهدت بوركينا فاسو تحولات كبيرة في سياستها الخارجية، حيث تخلت عن التعاون مع فرنسا، التي كانت القوة الاستعمارية السابقة. في يناير 2023، طالبت بوركينا فاسو القوات الفرنسية المتواجدة على أراضيها بمغادرتها في غضون شهر، مما أدى إلى انسحاب القوات الفرنسية في فبراير 2023. هذا الانسحاب كان بعد سنوات من التعاون بين بوركينا فاسو وفرنسا في محاربة الجماعات الإرهابية في المنطقة.
ومع انسحاب القوات الفرنسية، بدأت بوركينا فاسو في التقارب مع روسيا، حيث أصبح التعاون مع موسكو أكثر وضوحًا. هذا التقارب كان يتضمن أيضًا علاقات أعمق مع جيرانها مثل مالي والنيجر، اللتين تواجهان أيضًا تهديدات مشابهة من الجماعات المتطرفة وتحكمهما حكومات عسكرية.
التطورات الأمنية في بوركينا فاسو
منذ عام 2014، تواجه بوركينا فاسو تصاعدًا في أعمال العنف التي تنفذها جماعات متطرفة، وهو ما أدى إلى تدهور الوضع الأمني في البلاد. ويعتقد أن بعض هذه الجماعات مرتبطة بتنظيم القاعدة وداعش، وقد شهدت البلاد تصاعدًا في الهجمات المسلحة التي استهدفت المدنيين والمرافق الأمنية.
في هذا السياق، انضمت بوركينا فاسو إلى مالي والنيجر في اتخاذ قرار مشترك بالانسحاب من الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (ECOWAS) في خطوة اعترضت فيها الدول الثلاث على سياسة المنظمة، التي اعتبروها متأخرة في تقديم الدعم الكافي في مواجهة الهجمات الإرهابية. كما اعتبرت هذه الدول أن الجماعة الاقتصادية تميل إلى فرنسا، التي تعد القوة الاستعمارية السابقة في المنطقة، وهي ما زالت تحافظ على علاقات قوية مع عدد من دول غرب إفريقيا.
آفاق المستقبل
تعيش بوركينا فاسو في مرحلة صعبة للغاية، حيث تواجه تحديات أمنية جسيمة نتيجة تصاعد الهجمات الإرهابية، فضلاً عن الوضع السياسي الداخلي الذي يشهد تطورات مفاجئة. ومن غير الواضح حتى الآن ما الذي سيترتب على هذه الإقالة المفاجئة لرئيس الوزراء وحل الحكومة. إن استمرار الوضع الأمني المضطرب في المنطقة قد يفرض على القيادة العسكرية اتخاذ قرارات أخرى في المستقبل قد تؤثر على شكل الحكومة الجديدة وتوجهات البلاد الخارجية.