تصاعد الغضب القبلي في اليمن.. انتفاضة محتملة تهدد سيطرة الحوثيين
تشهد العاصمة اليمنية صنعاء، الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي، تصاعدًا ملحوظًا في الاحتجاجات القبلية ضد الجرائم والانتهاكات التي يتعرض لها أبناء القبائل، في ظل غياب العدالة وسيطرة الحوثيين على المؤسسات الأمنية والقضائية. هذه التحركات القبلية تفتح باب التكهنات حول إمكانية اندلاع انتفاضة شعبية قد تغير موازين القوى في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
احتجاجات قبائل بني مطر
في خطوة تصعيدية لافتة، نظمت قبائل "بني مطر"، جنوب غرب صنعاء، وقفة احتجاجية حاشدة أمام مجمع القضاء العسكري، السبت، للمطالبة بالقصاص من أحد القيادات الحوثية المتوسطة المتهم بقتل ثلاثة من أبناء القبيلة وإصابة اثنين آخرين بجروح خطيرة.
أكدت القبائل رفضها لأي محاولات للتستر على الجاني أو الالتفاف على مطالبها، مشددة على استمرار الاحتجاجات التصعيدية حتى تحقيق العدالة. ورفضت دفن الضحايا الذين قُتلوا خلال استدراجهم لتأمين فعالية حوثية، مطالبة بسرعة تنفيذ القصاص واعتقال الجاني.
امتداد الاحتجاجات القبلية
لم تكن هذه الاحتجاجات حالة معزولة، بل جاءت بعد أسبوعين من اعتصام مفتوح نظمته قبائل من محافظة إب في ميدان السبعين بصنعاء، للمطالبة بتسليم عناصر أمنية حوثية تورطت في قتل شيخ قبلي أواخر الشهر الماضي.
ويرى مراقبون أن هذه التحركات القبلية تثير قلق الحوثيين بشكل متزايد، إذ يخشون من أن تتحول هذه الاحتجاجات إلى انتفاضة شعبية شاملة تزلزل سيطرتهم على المناطق الشمالية من اليمن، لا سيما في ظل الضغوط المتزايدة عليهم نتيجة تراجع نفوذهم الإقليمي بعد الضربات التي تعرضت لها الأذرع الإيرانية في لبنان وسوريا.
دعوات لدعم الانتفاضة القبلية
على منصات التواصل الاجتماعي، دعا ناشطون يمنيون الحكومة الشرعية إلى استغلال حالة الارتباك التي تعيشها الميليشيا الحوثية، ودعم التحركات القبلية المناهضة لهم لتحقيق الخلاص من هيمنتهم وإنهاء تهديداتهم الإقليمية والدولية.
محاولات استمالة القبائل
في المقابل، تسعى ميليشيا الحوثي إلى احتواء الغضب القبلي عبر مزيج من الإغراءات المالية والترهيب. وكشف السفير اليمني السابق لدى سوريا، عبدالوهاب طواف، عن تحركات حوثية تهدف إلى شراء ولاءات بعض شيوخ القبائل مقابل مبالغ مالية كبيرة.
وأوضح طواف أن الميليشيا قدمت مئات الملايين من الريالات لبعض مشايخ قبيلة "حاشد" لتجنيد ما لا يقل عن 1000 مقاتل جديد للقتال في صفوفها، محذرًا من أن الحوثيين يستخدمون هذه الاستمالات كأداة لتأجيج النزاعات القبلية وإشعال الثأر وتحويلها إلى وقود لمعاركهم الطائفية.
"وثيقة الشرف القبلي" تحت الترهيب
في تطور آخر، أعلنت قبائل مديرية قعطبة في محافظة الضالع، السبت، توقيع ما يُعرف بـ"وثيقة الشرف القبلي" خلال لقاء موسع نظمته الميليشيا بهدف إعلان النفير العام لدعم الحوثيين.
وذكرت تقارير محلية أن الحوثيين لجأوا إلى مزيج من الترهيب والترغيب لإجبار مشايخ القبائل على الالتزام بالوثيقة، التي تضمنت وعودًا بتقديم الأموال والمقاتلين، مع تهديدات مبطنة ضد كل من يرفض الانصياع لأوامر الميليشيا.
مستقبل غامض ومشهد متغير
تعكس هذه التحركات القبلية حالة الغليان الشعبي المتزايد ضد ميليشيا الحوثي، في ظل تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية في المناطق الخاضعة لسيطرتهم. ويبدو أن استمرار الضغط القبلي قد يُحدث تحولًا دراماتيكيًا في المشهد اليمني، خاصة إذا ما تضافرت الجهود القبلية والحكومية ضد الحوثيين، ما قد يمهد الطريق لتغيير جذري في موازين القوى على الأرض.