تحصينات حوثية وتحركات أمنية.. استعدادات لمواجهة عسكرية في شمال اليمن
في ظل حالة من الاستنفار الأمني غير المسبوق، لجأت ميليشيا الحوثيين إلى تنفيذ ترتيبات أمنية واسعة النطاق في المناطق الخاضعة لسيطرتها شمالي اليمن، بهدف تعزيز تحصيناتها وتوفير حماية إضافية لمناطقهم.
وقد أقدم الحوثيون على هيكلة شاملة للأجهزة الأمنية، حيث تم استبدال جميع مدراء الإدارات الأمنية على مستوى المحافظات التي يسيطرون عليها، بتعيين قيادات جديدة موالية لهم فكريًا وتنظيميًا، على الرغم من عدم تأهيلها الكافي. هذه التغيرات تأتي في إطار الاستعدادات لمواجهة أي عمليات عسكرية مضادة مرتقبة، حيث سعت الميليشيا إلى توسيع صلاحيات ونفوذ أجهزتها الأمنية السرية. وضمن هذه الإجراءات، كثّف الحوثيون نشاط جهاز مخابراتهم المعروف بـ"الأمن الوقائي الجهادي المركزي"، الذي يخضع لما يسمى بـ"المجلس الجهادي"، والذي يترأسه زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي.
وفي نفس الوقت، توسعت ميليشيا الحوثيين في تنفيذ تحشيدات عسكرية ضخمة في الأطراف الجنوبية الغربية لمحافظة الحديدة، لتكوين طوق تحصيني من المصدات الأرضية، استعدادًا لأي تصعيد عسكري.
التداعيات الإقليمية والدولية
تشير التقديرات إلى أن هذه الإجراءات الأمنية تأتي في سياق تصاعد المؤشرات حول التغيرات الإقليمية السريعة والمواقف الدولية المتزايدة ضد إيران ووكلائها في المنطقة، بما في ذلك الحوثيين في اليمن. وقد ربط الخبراء هذه التحركات الحوثية بتصاعد التوترات في المنطقة، خاصة في ظل التوجهات الغربية القوية لإزالة تهديدات الحوثيين ضد الملاحة الدولية في البحر الأحمر.
قلق الحوثيين من عملية عسكرية مرتقبة
الكاتب الصحفي جمال العواضي أكد أن ميليشيا الحوثيين تشعر بقلق بالغ بعد فشل محاولاتها لإقناع الأطراف الأخرى بالعودة إلى خارطة الطريق التي طرحها، خاصة مع استمرار التجاهل الأمريكي والبريطاني لدعوات استئناف العملية السياسية. العواضي أشار إلى أن الحوثيين يدركون أن عملية عسكرية مرتقبة ضدهم قد تم اتخاذ قرار بشنها، ما دفعهم لتعيين قيادات أمنية مرتبطة بهم فكريًا، خوفًا من حدوث اختراقات أمنية. وأضاف أن هناك معلومات حول تحركات لنقل أسلحة وصواريخ مموهة إلى مناطق شمال اليمن استعدادًا لأي مواجهة.
آراء حول تأثيرات التغييرات الأمنية
من جانبه، قال السياسي عبد الكريم المدي، عضو اللجنة الدائمة لحزب المؤتمر الشعبي العام، إن التغييرات الأمنية التي أجراها الحوثيون جاءت على أساس عقائدي مخلص لهم بشكل كامل، ما يعكس تطرفهم في السيطرة على الأجهزة الأمنية وتوجيهها لخدمة مصالحهم. واعتبر أن هذه الإجراءات ستوسع الفجوة بينهم وبين الشعب اليمني ولن تحقق الاستقرار كما يعتقدون.
أما ماجد فضائل، وكيل وزارة حقوق الإنسان في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، فقد أشار إلى أن هذه الإجراءات الأمنية ستزيد من القمع وتضييق الحريات، حيث تسعى الميليشيا إلى إحكام قبضتها على المواطنين ومراقبتهم بشكل مستمر، مما يعمق الانقسامات داخل المجتمع اليمني ويزيد من التضييق على الأصوات المعارضة.