تحديات أمنية معقدة في سوريا.. بين الحاجة لهيكلية أمنية قوية والتعاون المحلي
تواجه سوريا في هذه المرحلة الفارقة من تاريخها تحديات أمنية معقدة تهدد استقرارها الداخلي، حيث تنشأ نقاشات متباينة حول كيفية ملء الفراغ الأمني الذي خلفه انهيار النظام السابق. مع بداية مرحلة جديدة، تطرح أسئلة جوهرية حول كيفية بناء هيكلية أمنية قادرة على توفير الاستقرار في وقت تعصف فيه البلاد أزمات متعددة.
الآراء المتباينة حول الحلول الأمنية
يرى البعض أن بناء هيكلية أمنية قوية ومستقرة يعتمد على التوافق الشعبي والسيطرة المحكمة على الأراضي، حيث يكون النظام الأمني الجديد قادراً على استعادة الأمن وتوفير الاستقرار في جميع أنحاء البلاد. في المقابل، يرى آخرون أن المعالجة العقلانية تتطلب تعاونًا أكبر مع أبناء المناطق المتأثرة، مع أهمية الابتعاد عن التدخلات الخارجية التي قد تزيد من تعقيد الأزمة.
صلاح النشواتي: التحديات الأمنية تتطلب 3 عوامل أساسية
قال المتخصص في الشؤون الدولية، صلاح النشواتي، إن ملء الفراغ الأمني في سوريا يعتمد على ثلاثة عوامل أساسية. أولاً، يجب تشكيل هيكلية قيادة وإدارة أمنية قوية تحل محل البنية التي انهارت في البلاد. ثانياً، لا بد من فرض السيطرة الأمنية على الأراضي السورية. وأخيراً، لا يمكن لأي جسم أمني أن ينجح بدون قبول وتوافق شعبي واسع، بحيث يُنظر إليه ككيان وطني يعمل على حماية الجميع ويُتعاون مع جميع الأطراف للصالح العام.
وأضاف النشواتي أن بقايا النظام السابق في سوريا تسعى للحفاظ على وجودها من خلال محاولات التصفية والاعتقال، مستخدمةً أساليب الحرب النفسية والإعلامية لزعزعة التوافق الشعبي وخلق انقسامات بين المكونات المجتمعية في البلاد. وأوضح أن غياب التوافق الشعبي والسيطرة الأمنية سيؤديان إلى فوضى أمنية قد تقود إلى فوضى عسكرية، وهو ما سيؤثر سلبًا على الوضع السياسي في البلاد.
طارق ناصري: العقلانية والتعاون المحلي أساس الحل
من جهته، أكد المحلل السياسي طارق ناصري، أن سوريا تمر بمرحلة حساسة في ظل الانفلات الأمني الذي كان من المتوقع معالجته بطرق أكثر عقلانية، خاصة في المناطق التي تشهد اضطرابات أمنية مستمرة مثل الساحل السوري. وأشار ناصري إلى أن المرحلة الراهنة تتطلب وعياً أمنياً عميقاً، وهو ما يبدو غائباً في الوقت الحالي، وسط معلومات تشير إلى تدخلات خارجية تهدف إلى تفتيت البلاد وتهديد استقرارها.
وأشار ناصري إلى أن الوضع لا يزال تحت السيطرة، ويمكن معالجته بعقلانية عبر تشكيل جهاز أمني سوري يتكون من مواطني المحافظات الذين سيكونون مسؤولين عن أمن مناطقهم. وهو ما يسهم في بناء الدولة والأجهزة الأمنية بشكل متوازن يحافظ على وحدة البلاد.
خطر التدخلات الخارجية والتصعيد
وحذر ناصري من أن الوضع في سوريا قد يزداد سوءاً إذا لم يتم احتواء التوترات الشعبية، خاصة في مدن الأقليات. وأكد أن الوقت لا يزال مناسباً لتوحيد الرأي السوري بعيداً عن أي إملاءات خارجية، محذرًا من أن أي تدخلات خارجية قد تزيد من تعقيد الأزمة وتؤثر سلباً على فرص الحل السلمي.
إن التحديات الأمنية في سوريا لا تزال تشكل عقبة رئيسية أمام استقرار البلاد، والتوصل إلى حلول فعّالة يتطلب توازناً دقيقاً بين بناء هيكلية أمنية قوية، وتعزيز التعاون المحلي بين المواطنين. كما أن سوريا بحاجة إلى تجنب التدخلات الخارجية التي قد تُفاقم من الوضع الراهن.