الشركات الغربية في الساحل الأفريقي.. هل تنهي استثماراتها بسبب تصاعد المضايقات؟
تواجه الشركات الغربية العاملة في قطاع الطاقة والتعدين في منطقة الساحل الأفريقي مضايقات متزايدة من قبل السلطات الانتقالية الحاكمة، مما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الشركات ستنسحب من استثماراتها في المنطقة. هذه المضايقات، بحسب خبراء، تأتي في إطار رد فعل على المواقف السياسية لدول الغرب تجاه القضايا المحلية والإقليمية.
النيجر نموذجًا: صدام الشركات مع السلطات الانتقالية
في تطور لافت، أعلنت شركة "أورانو" الفرنسية، المتخصصة في الطاقة النووية، عن سيطرة السلطات المحلية في النيجر على فرعها في البلاد، وذلك بعد أيام من إلغاء رخصة التشغيل لمنجم إيمورارين، الذي يُعد أكبر منجم لليورانيوم في البلاد. ويحتوي هذا المنجم على نحو 200 ألف طن من اليورانيوم، وهو من المعادن الحيوية في صناعة الطاقة النووية والأسلحة. هذا القرار يُعد ضربة كبيرة لشركة أورانو، التي كانت تعتمد على هذا المنجم في تزويد أسواق الطاقة العالمية.
تدهور العلاقات: تأثير الانقلابات العسكرية في الساحل الأفريقي
يُضاف إلى ذلك التدهور المستمر في العلاقات بين دول الساحل الأفريقي، مثل النيجر ومالي وبوركينا فاسو، مع الدول الغربية بعد سلسلة من الانقلابات العسكرية في هذه المنطقة. هذا الوضع دفع حكومات هذه الدول إلى تبني مواقف تصعيدية تجاه الغرب، الذي كان يُعتبر من أبرز الشركاء الاقتصاديين في مجالات اليورانيوم والطاقة.
مستقبل الشركات الغربية في المنطقة: مراجعات مستمرة
وحول تأثير هذه التحولات السياسية على الشركات الغربية، قال الخبير الاقتصادي إبراهيم كوناتي إن "علاقة الشركات الغربية مثل أورانو مع دول الساحل الأفريقي في تدهور مستمر، ما يجعل مستقبل هذه الشركات في المنطقة غامضًا". وأضاف كوناتي أنه مع تصاعد التوترات السياسية، بدأت الدول في إعادة النظر في الاتفاقات والقوانين التي تم إقرارها في الفترات السابقة، بهدف استعادة السيطرة على القطاعات الحيوية مثل اليورانيوم.
وأوضح كوناتي أن هذه التغيرات قد تؤدي إلى مغادرة الشركات الغربية قريبًا، خاصة في ظل غياب القنوات الدبلوماسية الفعالة بين دول هذه المنطقة والقوى الغربية. وهذا يتزامن مع تحركات دولية جديدة تسعى للاستفادة من هذه الفراغات من خلال الاستثمار في القطاعات الحيوية.
الذهب واليورانيوم: مكاسب في قبضة القوى العالمية
يُذكر أن دول الساحل الأفريقي تُنتج كميات ضخمة من المعادن الحيوية مثل اليورانيوم والذهب والليثيوم، وهي موارد تشهد تنافسًا كبيرًا من قبل القوى العالمية التي تسعى للهيمنة على هذه الموارد. ومن هنا، يرى المحلل السياسي النيجري عبدول ناصر سيدو أن الشركات الغربية قد تسعى "لحفظ ماء وجهها" من خلال إنهاء استثماراتها في ظل هذه الضغوط المتزايدة. وقال سيدو إن الشركات تدفع ثمن مواقف دولها الأم التي أخفقت في التعامل مع الأزمات الأمنية والسياسية في المنطقة، مما جعل السلطات الانتقالية في هذه الدول تستغل هذه الظروف لإنهاء التعاون مع هذه الشركات.
الاحتمالات المستقبلية: الانسحاب أم اللجوء إلى المحاكم؟
رغم أن بعض الشركات، مثل أورانو، قد تلوح باللجوء إلى المحاكم المحلية أو الدولية للطعن في القرارات الحكومية، فإن المحلل سيدو يتوقع أن "تلجأ الشركات المعنية إلى الانسحاب، في محاولة لحفظ ماء وجهها"، خاصة في ظل التصعيد المستمر والتغيرات السياسية في المنطقة.
هذه التطورات تشير إلى أن مستقبل الشركات الغربية في الساحل الأفريقي قد يكون محفوفًا بالتحديات، مع إمكانية حدوث انسحاب جماعي من قبل هذه الشركات، التي قد تجد نفسها مضطرة للبحث عن أسواق جديدة.