القاعدة في الساحل الأفريقي.. صعود الظلال بين الفوضى والانفلات
أكد معهد "مانوهار باريكار للدراسات والتحليلات الدفاعية" في نيودلهي أن أنشطة تنظيم القاعدة في منطقة الساحل الأفريقي تشهد ارتفاعًا ملحوظًا، مستلهمةً أساليب تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، خاصة في مالي وبوركينا فاسو. يعتمد التنظيم على فروع قوية مثل جماعة نصرة الإسلام والمسلمين (جنيم) لتعزيز جاذبيته الأيديولوجية وتجديد ريادته في المشهد الجهادي العالمي، رغم أن داعش لا تزال أكثر التنظيمات الإرهابية دموية.
العوامل المساعدة على تصاعد الإرهاب
تشهد الساحة الجيوسياسية العالمية توترات متزايدة، بما في ذلك المنافسة بين الولايات المتحدة والصين والنزاعات في غرب آسيا وأوكرانيا. هذا الوضع، بجانب الرفض القوي للتواجد العسكري الأجنبي، يساهم في خلق بيئة ملائمة لانتشار التنظيمات الإرهابية مثل القاعدة وفروعها.
في السياق نفسه، يعكس تدهور الأوضاع الأمنية الاستجابة الفاترة من قبل الجونتات العسكرية الإقليمية تجاه التحديات الأمنية. لم تتمكن هذه الأنظمة حتى الآن من ترجمة بياناتها في المحافل الدولية إلى إجراءات فعّالة لردع الأنشطة المرتبطة بالإرهاب.
انهيار الأمن في منطقة الساحل
تستمر الأوضاع الإقليمية المعقدة في تدهور، حيث أدت الأنشطة الجهادية في بوركينا فاسو، منذ أغسطس 2015، إلى زعزعة استقرار مالي المجاورة. وفقًا لتقرير مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2024، تُعد بوركينا فاسو ومالي من أكثر الدول تأثرًا بالأنشطة المرتبطة بالإرهاب.
أصدرت جيوش بوركينا فاسو والنيجر ومالي في أغسطس 2024 إعلانًا عن إنشاء قوة عمل لمواجهة التهديدات الإرهابية، لكن هذه الخطوة لم تتجاوز التصريحات الكلامية حتى الآن. على الرغم من جهود المرتزقة مثل مجموعة فاغنر، إلا أن التنظيمات الإرهابية تستمر في تنفيذ هجماتها بشكل متزايد.
التصعيد في الهجمات
تزايدت الهجمات الإرهابية في المنطقة، حيث أسفر كمين للمتمردين الطوارق في أغسطس 2024 عن مقتل 47 ضابطًا ماليًا و84 ضابطًا من فاغنر. كما تعرضت القواعد العسكرية في مالي لعدة هجمات، مما يُظهر تصعيدًا واضحًا في نشاط الجماعات الإرهابية.
في أكتوبر 2024، حذر أمير جنيم، طلح أبو هند، الحكومة المالية من هجمات أكبر، مما يدل على التهديد المستمر للنظام العسكري في البلاد. في الوقت نفسه، تكبدت القوات المسلحة في بوركينا فاسو خسائر فادحة بعد أن استهدفتها جماعات مرتبطة بالقاعدة، مما يعكس تدهور الوضع الأمني.
التحديات أمام الجهود الإقليمية
تواجه الدول الأعضاء في الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إكواس) تحديات كبيرة في تعزيز جهود مكافحة الإرهاب. أدت الانقلابات الأخيرة في بوركينا فاسو ومالي إلى انقسام داخلي، مما يُعقد من التنسيق بين الدول الأعضاء. في ظل غياب استراتيجية إقليمية موحدة، تبقى الجهود لمكافحة الإرهاب في الساحل محدودة.
تشير الاتجاهات الحالية إلى أن منطقة الساحل ستظل مركزًا للتهديدات الإرهابية، مع استمرار التنظيمات مثل القاعدة في استغلال الظروف الأمنية الهشة. إن الحاجة إلى استجابة فعالة وموحدة من الدول الإقليمية والدولية لمواجهة هذه التحديات باتت ملحة أكثر من أي وقت مضى.