مذبحة بارسالوغو.. إنسانية تحارب في ظلال الإرهاب الدموي
كشفت تقييمات أمنية حكومية فرنسية أن نحو 600 شخص لقوا حتفهم بالرصاص خلال ساعات قليلة في هجوم مروع على بلدة بارسالوغو في بوركينا فاسو، والذي وقع في 24 أغسطس الماضي. هذا الهجوم، الذي تبنته جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" التابعة لتنظيم القاعدة، يُعتبر واحدًا من الأكثر دموية في تاريخ أفريقيا الحديث، وفقًا لتقارير شبكة "سي إن إن".
التقييم الجديد يُضاعف تقريبًا عدد القتلى المذكور في تقارير سابقة، مما يثير القلق بشأن تصاعد العنف في منطقة الساحل الأفريقي. وقد اتهمت مجموعة "العدالة الجماعية من أجل بارسالوغو"، التي تضم أقارب الضحايا، الجيش في بوركينا فاسو بإجبار السكان على الخروج من البلدة لحفر خندق، مما عرضهم للهجوم.
تفاصيل الهجوم
أظهرت مقاطع الفيديو التي نُشرت على منصات التواصل الاجتماعي، والتي تروج لها الجماعات المتشددة، إطلاق المسلحين النار بشكل منهجي أثناء اجتياحهم للبلدة على دراجات نارية. ومن بين القتلى كان العديد من النساء والأطفال، حيث أظهرت اللقطات مشاهد مأساوية من الصراخ ومحاولات الضحايا للتظاهر بالموت.
في حال تأكيد تقديرات الحكومة الفرنسية، سيشكل هذا العدد المروع من القتلى "وحشية غير عادية" في المنطقة. ومع تصاعد التحديات الأمنية في بوركينا فاسو ومالي، أدت سلسلة من الانقلابات إلى انسحاب القوات الفرنسية والأمريكية، مما أتاح المجال للمتشددين للتوسع.
شهادات من الناجين
تحدث ناجون من الهجوم، حيث وصف أحدهم، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، لحظات الهجوم وكيف كان من بين مجموعة من الرجال الذين أُمروا بحفر الخنادق. وأشار إلى أنه عندما بدأ إطلاق النار، حاول الفرار لكنه واجه مشاهد مروعة من الدماء والجثث.
ناجية أخرى أشارت إلى فقدان اثنين من أفراد أسرتها، وذكرت كيف تم جمع الجثث المنتشرة على مدى ثلاثة أيام. كما أكدت التقارير الفرنسية أن بناء الخنادق كان جزءًا من خطة حكومية للدفاع ضد الهجمات، رغم أن الحكومة لم تعد تُعلن عن أعداد الضحايا منذ الانقلاب.
هذا الهجوم يُسلط الضوء على تفشي العنف الجهادي في منطقة الساحل، ويعكس الحاجة الملحة للتعامل مع الأزمات الأمنية والإنسانية المتزايدة في المنطقة.
غضب شعبي وتنديد بالغياب الرسمي.. بارسالوغو تحت وطأة صمت الحكومة
أعربت جمعية "العدالة من أجل بارسالوغو" عن استيائها الشديد من موقف السلطات بعد المأساة التي أودت بحياة المئات في بلدة بارسالوغو. وفي بيانٍ لها، أكدت الجمعية أن الحكومة لا تُظهر أي اهتمام بمعاناة الشعب، قائلة: "نأسف لاستمرار ازدراء الحكومة لشعب بوركينا فاسو وآبائنا من سانماتنغا وبارسالوغو".
أضاف البيان، الذي نُشر في 28 أغسطس، أن الحكومة لم تصدر أي بيانات صحفية عقب المأساة الإرهابية التي أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 400 شخص. وتساءل: "كيف يمكن للوزراء زيارة بارسالوغو والعودة دون رؤية الدموع أو سماع صرخات الألم في هذه المدينة التي أصبحت مدينة أشباح؟"
وفي نفس السياق، أدان تيوفيل ناري، أسقف منطقة كايا، الوضع في بارسالوغو، معبرًا عن شعوره العميق بالألم تجاه الضحايا. قال في بيانٍ صحفي نُشر في 25 أغسطس: "يقال إن الألم الكبير صامت، لكن لا يمكننا أن نبقى صامتين أمام هذه الدراما الهائلة"، واعتبر أن هجوم بارسالوغو هو الأسوأ في تاريخ هجمات الجماعات المتشددة في بوركينا فاسو، واصفًا إياه بأنه "أمر فظيع حقًا".