الدشطوشي.. زيارة لمسجد صاحبه من الأولياء ويُسمي ”صاحب مصر”
كشف الباحث فاروق شرف فى سلسلة مقالته " عظيمة يا مصر" بعنوان زيارة إلى مسجد الجوهرة الأثرية فى باب الشعرية، عن معلومات عن المسجد ومن هو صاحبه، وهذا ما سنعرضه في السطور التالية:
قال خبير الترميم فاروق شرف، بأن آثارنا الإسلامية تظل كالآلئ مضيئة ذات علامات بارزة، تزيد تاريخ مصر جمالا، وتصف لنا بعمارتها الإسلامية الفريدة، ورقي تصميمها العتيد، لأنها حقبة تاريخية مهمة من تاريخ المحروسة، وتكشف لنا عن أسماء أعلام عاشوا هذا العصر، الذي غابت أرواحهم، ولكن تظل أثارهم صامدة.
عرف شرف مسجد ومقام الدشطوشي، بالمسجد الذى كان صاحبه على هيئة المجاذيب مكشوف الرأس حافى القدمين، وأيضًا بالمسجد الذى كان صاحبه يسمى بين الأولياء "صاحب مصر".
وعرف شرف في دراسته، الدشطوشى بأبو"المواهب الشعراني"، وهو من أشهر تلاميذ الشيخ عبد القادر الدشطوشي، فقد وصفه "الشعراني" بأنه كان من أكابر الأولياء، وصاحبه 20 عاما، ووفق المراجع، اجتمع "الشعراني" بشيخه "الدشطوطي"، وكان دون البلوغ، في أول أيام رمضان سنة 912 هجرية، وأخذ منه "البركة"، ويقول: "الشعراني": "قال لي: اسمع هذه الكلمات واحفظها، تجد بركتها إذا كبرت.. فقلت له: نعم.. فقال: "يقول الله عز وجل: يا عبدي لو سقت إليك ذخائر الكونين فملت بقلبك إليها طرفة عين فأنت مشغول عنا لا بنا، فحفظتها فهذه بركتها".
من هو الدشطوشى ؟
هو الشيخ شرف الدين عبد القادر الدشطوشي، الذى ينتمى لقرية دشطوش التى ولد بها - مركز ببا الكبرى - بمحافظة بنى سويف، كان شافعى المذهب ناكساً زاهداً لا يأكل الطعام إلا القليل، توفى فى التاسع من شعبان سنة 924 هجرية عن عمر يناهز 80 عاماً ودفن بمسجده.
شيد المسجد في عهد السلطان قنصوة الغوري، على شكل المدارس المتعامدة، حيث يتكون من صحن مربع الشكل يتوسط المسجد، مغطى بسقف خشبي، وبه فتحة "شُخشيخة"، ويحيط بالصحن أربعة إيوانات - أعمقها إيوان القبلة، الذي يتقدمه 3 عقود نصف دائرية محمولة على عمودين، وإلى جانب إيوان القبلة من الجهة الجنوبية، غرفتان معقودتان ومفتوحتان على الإيوان، بهما نوافذ قنديلية مغشاة بزجاج معشق متعدد الألوان، ويضم الإيوان الشمالي ست نوافذ، تطل على شارع جانبي، بينما الإيوان الجنوبي له باب يؤدي إلى طرقة، تنتهي إلى مدخل المسجد الرئيسى الذي يطل على شارع بورسعيد.
ظل المسجد محتفظا برونقه على مدى 6 قرون ميلادية، مواجها التغيرات التاريخية التي تعاقبت أحداثها على المحروسة، ورغم شموخ المظهر الخارجي للمسجد الأثري، إلا أن المياه الجوفية كانت تنحر في أساساته، مهددة بقاءه، وكان السبب فى أن تصميمه المعمارى كان فريد من نوعه ، حيث تم بناء دورة مياهه الأصلية أسفله، ولعل المعماري أراد بذلك أن يتفادى- النشع- الذي قد يصيب المسجد وقت الفيضان، لوقوعه على الضفة الغربية للخليج الذي كان يخرج من فُم الخليج في منطقة مصر القديمة، وينتهي عند خليج السويس، الذي ردم في أوائل القرن العشرين، وقد أبطل استعمال هذه الدورة القديمة، وبُنيت بدلًا منها أخرى تقع في الضلع الجنوبي للمسجد.
تمت أعمال الترميم والتدعيم وأهمها خفض منسوب المياة – إستبدال الأحجار التالفة – إستكمال للأجزاء المفقودة – تغير الأخشاب التالفة مع عزل الأرضيات ثم التكسية بترابيع من الحجر المعصرانى، كانت الأعمال حسب إصول الصناعة والمدرسة المصرية، مقاولة شركة ( مجاهد خليفة ) للمقاولات.